صحيفة الأخبار اللبنانية:
مارسيل عيراني:
عندما كانت شوارع بيروت تشهد اعتصامات مطلبية، بالتزامن مع الجلسات التشريعية التي عقدها المجلس النيابي، أصدر ديوان المحاسبة قراراً كان قد اتخذه في 18 آذار الماضي، يقضي بعدم الموافقة على تلزيم أعمال تقديم وتركيب كاميرات مراقبة وتوابعها في العاصمة بيروت.
ويعيد ديوان المحاسبة قراره إلى عدم قانونية الملف المتعلق بما عُرض أمام الهيئة الأولى التي يرأسها رئيس الديوان (بالوكالة آنذاك) القاضي عبد الرضا ناصر وتضم المستشارين القاضي رمزي نهرا والقاضي لينان حايك. إلا أن بلدية بيروت كانت على علم بهذا القرار منذ أسبوعين، فبعدما كانت قد تخطت موجة الاعتراضات التي شهدها هذا الملف داخل مجلسها البلدي، بسبب عدم اطلاع الأعضاء عليه وطلب التوقيع دون إدراجه على جدول أعمال جلسة 10 كانون الثاني الماضي، تبلغت في 24 آذار رفض ديوان المحاسبة له.
يؤكد حمد
أنه لن يُصار إلى إجراء مناقصة جديدة
اجتمع المجلس في 26 آذار ووافق على اختيار شركة «غوارديا» التي رست عليها المناقصة التي جرت سابقاً بالتراضي، وإرسال القرار إلى وزارة الداخلية حيث يجري البحث فيه اليوم. جاءت هذه الموافقة من 13 عضواً من أصل 24.
في هذا السياق، يشرح رئيس البلدية بلال حمد، أن «الملف بات اليوم قيد المناقشة في الداخلية، فإذا وافقت عليه الوزارة سنتجه من جديد إلى ديوان المحاسبة»، شارحاً أنه «كان بإمكاننا الاتجاه مباشرة إلى التراضي منذ البداية، لكننا قمنا بالمناقصة المحصورة ضمن خمس شركات لكي تكون المسألة أكثر شفافية، وخصوصاً لأنها متعلقة بالأمن». إلا أن ديوان المحاسبة أوضح أن «إجراءات المناقصة المحصورة تتضمن عادة مرحلتين منفصلتين: مرحلة أولى يُحَدَّد فيها المناقصون المقبولون للاشتراك في المناقصة، بناءً على المستندات المقدمة من قبلهم، ومرحلة ثانية تُجرى فيها المناقصة فعلياً بعد إبلاغ المناقصين نتيجة دراسة طلباتهم وإعطائهم المهلة القانونية اللازمة لتقديم عروضهم»، مشيراً إلى أنه تبين أن «عملية التلزيم، كما جرت، لا تتفق مع الإجراءات الواجب اتباعها في حالة المناقصة المحصورة؛ إذ سمى المجلس البلدي المناقصين المقبولين دون دراسة مؤهلاتهم مسبقاً، والتأكد من توافر الشروط المطلوبة في دفتر الشروط لديهم. وبما أن هذا الإجراء قد أدى أيضاً إلى حصر المنافسة بين الشركات الخمس المدعوة، وتالياً إلى استبعاد شركات أخرى تتوافر لديها المؤهلات والإمكانات المادية والفنية لتنفيذ هذا النوع من الصفقات، الأمر الذي يفقد المناقصة الحاضرة أحد أركانها الأساسيين (المنافسة والمساواة)، فإن هذه الصفقة تفتقر إلى السند القانوني الصحيح، ويقتضي بالتالي عدم الموافقة عليها». هكذا، حسم ديوان المحاسبة الأمر. ثمة ما هو غير قانوني في العملية، وبالتالي، رأى في هذه المناقصة المحصورة أنها أقرب إلى استدراج لعروض الشركات الخمس. لكن، في المقابل، يقول حمد إنه لن يُصار إلى إجراء مناقصة جديدة اليوم، «وخصوصاً أن الشركات الخمس التي تنافست في المناقصة كانت مستوفية للشروط». ويلفت حمد إلى أن «وضع الكاميرات في شوارع بيروت أمر مهم جداً لأمن الناس، ومن هنا، لا يجوز العبث بالسلامة العامة، ويجب القيام بما يلزم لردع أي عمل إرهابي».
إلا أن مصادر مطّلعة في البلدية تؤكد أن المشكلة ليست في ما آلت إليه الأمور اليوم. فمن حق البلدية الاتفاق على تلزيم شركة ما بالتراضي، لكن في الأساس، أي في كيفية عرض ملف كهذا بطريقة متسرعة على الأعضاء وفي طريقة اختيار الشركات لإجراء المناقصة التي رافقتها علامات استفهام. أما حقيقة أن هذه الشركة التي وقع الخيار عليها هي متخصصة، وقد قدمت فعلاً السعر الأوفر، فهذا لا يمكن إنكاره، وهذا ما دفع المجلس البلدي إلى السير بالتراضي.
بين يوم وآخر ستتسلم بلدية بيروت قرار وزارة الداخلية في هذا الشأن، ورئيسها يتفاءل بالخير، وخصوصاً أن «مشاريع مشابهة قد أُقرّت بالتراضي في مؤسسات رسمية أخرى ولم يُعترَض عليها».