يوم صحي مجاني في الضاحية الجنوبية برعاية بلدية المريجة
موقع الانتقاد الإكتروني:
منذ ساعات الصباح الأولى تدفق المواطنون الى معهد الفرير في المريجة بالضاحية الجنوبية لبيروت للمشاركة في” اليوم الصحي المجاني” الذين وجدوا فيه المتنفّس الذي يخفف عنهم أعباءهم المادية والمعيشية بعد أن غابت الحكومة بمؤسساتها عن معاينة حاجات الشعب الذي أتعبته الملفات اليومية المثقلة بتشعباتها اللامتناهية.
هنا في قاعة الانتظار، المشهد مختلف والصورة أبلغ من الكلمات، فكل واحد ينتظر دوره للاستفادة من اليوم المجاني الذي نظمته جمعية الانماء الصحي والهيئة الصحية الاسلامية ولجان العمل الاجتماعي في حزب الله برعاية بلدية المريجة وتحويطة الغدير، حيث أتى الجميع بمختلف أعمارهم شيوخاً وشباناً وأطفالاً وأيديهم مرفوعةً بالدعاء لهؤلاء المتطوعين الذين رفعوا شعار السيد عباس الموسوي”سنخدمكم بأشفار عيوننا”.
مدير فريق التطوع أبو محمد مرجة أوضح أن فكرة هذا اليوم الصحي أتت من فكر الانسان اتجاه أخيه الانسان وحركة اللجان الشعبية تجاه المجتمع تحت شعار” حبة دواء مقابل كل لحظة ألم”، مشدداً على أهمية هذا البرنامج في وقت تغيب فيه السلطات والجمعيات التي تعنى بهموم المواطن.
واذ أشار الى أن هذا اليوم السنوي الخامس، لفت أبو مرجة الى أن المركز يضم 11 عيادة على مختلف اختصاصاتها من صحة عامة وقلب وغيره تستقبل الفقراء والمحتاجين للاغاثة.. اضافة الى الفحوصات المخبرية والصور والاشعة وتقديم الأدوية، مشيراً الى أنه من المتوقع أن يصل عدد المرضى في هذا اليوم الى 3000 شخص.
كما أشار أبو مرجة الى أن هذا اليوم يطلق عليه “يوم” بالتعبير المجازي الا أنه يشكل صلة الوصل ومحطة للتواصل مع الناس على مدار السنة ومعاينة احتياجاتهم وإرسالهم الى الجهات المختصة للنظر في حالتهم، مشيراً الى أنه يتم التعاقد مع مستشفيات وصيدليات تساعد المرضى طيلة السنة، ولفت الى أنه تم التواصل مع بعض المستشفيات والاطباء لتوسيع العمل وتضخيمه.
وفي سياق متصل، قال مدير التطوع” نحن نعمل مع الناس بشكل متواصل منذ 20 عاماً ما يسمح لنا بمعرفة أوضاعهم المعيشية ومتابعتها على الدوام”، موضحاً أن هذا اليوم يتجاوز الفحص الطبي الى المساعدات والاعانات من أثاث منزل وحاجيات للمضطرين.
وتابع أبو مرجة” مساعدة الناس أقل واجب تجاه الناس لأنه يوجد وضع صعب وغياب ولا يوجد مستوصف للحكومة مجهز”، مضيفاً” الناس تستحق أكثر من ذلك ونحن نخجل من الناس على عدم قدرتنا على المزيد”.
وفي سياق شرحه عن طبيعة عمل المركز، أشار مدير فريق التطوع الى أنّ التحضير لهذا اليوم الصحي يبدأ منذ انتهاء سابقه ليبدأ التحضير للسنة القادمة وتتخذ خطة العمل فعاليتها قبل شهرين عبر وضع الاستراتيجيات وتحديد المهام والأدوار لفريق يحوي العديد من الاطباء ومتطوعين في مجال التشريفات والاستقبال وتسيير أمور الناس.
وفيما لفت الى أن هذا اليوم يحصل على تبرعات وهبات من صيدليات وشركات ومن القائمين عليه، شكر أبو مرجة كل القائمين على هذا النشاط الفاعل من أطباء وشركات ومتطوعين وصيدليات.
من جانبه المختص في الجهاز الهضمي الطبيب عبدالله هزيمة أوضح أن هذه الحملة من أصل 20 حملة مجانية تقوم بها الهيئة الصحية لمساعدة المحتاجين، قائلاً” نحاول أن نساعدهم وندعمهم فالكثير منهم يكون بحاجة الى علاج منذ وقت ولكنه يهمل الموضوع بسبب الوضع المعيشي السيء”.
أما المتطوع علي الزين لفت الى أنه أقفل شركته الخاصة للمشاركة في هذا اليوم ومعاينة حاجات الناس والتطوع في خدمتهم على قدر المستطاع، متمنياً أن تعمم التجربة على كل لبنان لأن الوضع الاقتصادي صعب جداً.
ومن ناحيتها، المتطوعة زينب لقيس فقد لفتت الى ضرورة مساعدة الناس وتخفيف آلامهم، مشيرة الى مدى الرضا النفسي الذي يتحقق عند تقديم المساعدة للمحتاجين.
هذا وللمرضى كلمتهم أيضاً، حيث يشكلون الحدث الأساس فهم لم يأتو عبثاً، فالمرأة السبعينية أم محمد تقف وتنتظر دورها، ولدى سؤالها عن عدم ذهابها الى المستشفيات للمعاينة ردت بخجل وبريق عينيها يحاكي ألم وضعها المزري” الوضع المعيشي صعب ..لا أستطيع الذهاب الى المستشفى ..أنتظر كل يوم صحي”، رافعة يديها بالدعاء” أسال الله أن يمد بيدهم ويسدد خطواتهم”.
وهناك في قاعة الانتظار، تتكئ فاطمة عز الدين على الكرسي منتظرة دورها حيث يزدحم الناس وتقول”عندما سمعت بهذا اليوم الصحي انتظرته…أنا لست مضمونة ولا أملك الاموال لأتعالج أعاني من مرض مزمن”، لافتةً الى أن الدولة غائبة ولا أحد يسمع الصرخة أو ينظر للفقير.
الرجل الستيني أبو مصطفى يتكلم والحرقة تطغى على أي عبارات” لا أملك المال.. الدولة تسرق المواطن ولا تهتم بحالته الصحية”، شاكراً كل القائمين على هذه اللفتة الانسانية المميزة.
من ناحيته، المواطن أحمد سويدان الذي يحتضن ولده البالغ من العمر خمس سنوات أتى به لاخضاعه لمجموعة من الفحوصات، وأشار الى أن الوضع الاقتصادي متردي والناس تتحمل الامها لعدم التحاقها بالضمان الاجتماعي، مشدداً على أن الشعب بحاجة ماسة الى هكذا مساعدات لانه لم يقدر على تحمل المزيد من الاعباء.
هكذا حمل المواطنون الامهم الى من يسمع نداءاتهم وأوجاعهم، وهكذا أبى أصحاب الخير وتلامذة شعار”سنخدمكم بأشفار عيوننا” إلا أن يكونوا دائماً حاضرين في الميدان عند صرخة كل مواطن.