بلدية طرابلس تؤهّل سوقاً في التبّانة: وصلت الدولة!
صحيفة الأخبار ـ
عبد الكافي الصمد:
تلحظ منطقة باب التبانة، التي يرتبط اسمها بالإشكالات الأمنية والأزمات الاجتماعية اهتماماً بلدياً وحكومياً، يأمل أهلها أن يكون مُقدّمة لانتشالها من وضعها البائس
«لا مشكلة عندنا، نتحمل كمّ يوم وبعدها يعود السوق أحسن من الأول» يقول صاحب أحد المحال في سوق زكي الإمام في باب التبّانة. الرجل مضطر إلى إغلاق محله إفساحاً في المجال أمام ورشة من بلدية طرابلس تعمل على إعادة تأهيل المكان. أكثر من 60 محلاً في السوق، الذي يحمل اسم أحد وجهاء المنطقة السابقين، اضطرت إلى إغلاق أبوابها في منطقة تعيش عائلاتها يوماً بيوم. ومع ذلك وافق أصحاب تلك المحال على إيقاف أعمالهم لمدة أسبوعين تقريباً.
يعدّ هذا السوق، الذي تعود نشأته إلى أيام العهد العثماني، السوق الرئيسي لبيع الخضر والفواكه بالمفرق في منطقة التبانة، إضافة إلى وجود عدد قليل من محال السمانة وبيع اللحوم والأرتيزانا فيه، إذ ترتاده مئات العائلات يومياً للتبضّع برغم ضيقه، ذلك أن عرضه لا يزيد على خمسة أمتار، ومحاله لا تزيد مساحة كل منها على 12 متراً مربعاً، عدا عن وجود عشرات البسطات على رصيفه.
السوق المغطى بسقف من الحديد، تتخلله فتحات تهوية تتسلّل من خلالها أشعة الشمس. وتعكف ورشة البلدية على «تجديد بناه التحتية المهترئة من شبكة مياه الصرف الصحي وقنوات تصريف مياه الأمطار، تمهيداً لتبليطه وبناء أرصفة جديدة فيه»، وفق قول عضو بلدية طرابلس خالد صبح. وقد أوضح الأخير لـ«الأخبار» أنه «بعد انتهاء هذه المرحلة من إعادة تأهيل السوق، سيعمل على إنارته لكونه شبه مظلم، ثم طلاء واجهات المحال فيه، ما سيشجع الزبائن على ارتياده والتبضع منه بعدما كان الدخول إليه في السابق مغامرة غير محمودة، بسبب الوحول وتسرب المياه في أرضيته». وحتى لا يتسبب إغلاق المحال بأزمة اجتماعية ومعيشية لدى العائلات التي تعتاش منها، كشف صبح أن البلدية «وافقت بعد كتاب رفعته إليها على تقديم تعويضات إلى أصحاب المحال في السوق تبلغ قيمتها 14 مليوناً و900 ألف ليرة لبنانية، الأمر الذي أسهم في تجاوبهم معنا أكثر لإنجاز أعمال التأهيل».
أول انطباع يتكوّن لدى زائر السوق هو أنه سوق شعبي ترتاده ربّات العائلات في منطقة تعدّ الأكثر فقراً وكثافة سكانية في طرابلس، وهو ما يتضح من خلال «أسعار السلع داخله التي تقل بفارق لافت عن أسعار السلع نفسها خارجه»، حسب قول أحد أصحاب المحال في السوق، الذي أضاف إنه ينتظر «الانتهاء من أعمال التأهيل بفارغ الصبر، كي أعود إلى عملي في المحل والاسترزاق».
صور الراحل خليل عكاوي، مؤسس المقاومة الشعبية في باب التبانة، تزين جدران السوق كما أغلب أزقة وأحياء وشوارع المنطقة، التي عانت الأمرّين في السنوات الأخيرة جراء الاشتباكات الأمنية بينها وبين منطقة جبل محسن المواجهة. وبينما كانت نسوة المنطقة يسترقن النظر من شرفات منازلهن إلى ورشة البلدية وهي تعمل على إعادة تأهيل السوق، كان نقاش من نوع آخر يدور بين أصحاب المحال فيه، وقلق بعضهم من احتمال تأخر أعمال التأهيل فيه.
يتمنى أحدهم أن لا تتأخر الأعمال «أكثر من أسبوع حسب ما وعدونا»، فيجيبه آخر: «إحسبها عطلة أو أنها علقت بين التبانة والجبل وسكرنا محلاتنا؛ بعد كم يوم تنتهي كل أعمال التأهيل وبيرجع السوق أحسن مما كان».
عبد المجيد حايك، أحد أصحاب المحال في السوق، شكا من أنه «لم نر في حياتنا أحداً يهتم بالمنطقة إلا هذه الأيام، وكلّ ما نعرفه من وجود الدولة هنا واهتمامها بنا هو رفعها النفايات من المنطقة».
هذا الواقع دفع صبح إلى التوضيح أن باب التبانة «دفعت وما تزال ثمن الغرم، من غير أن تربح من الغنم شيئاً، لا أيام الحكومات السابقة ولا في عهد البلديات الماضية، مع أن أي مشروع ينفذ في المنطقة ولو كان صغيراً، يبدو كبيراً ويعود بالنفع على كثير من أهالي المنطقة»، ما دفع أحد الذين تجمّعوا حول الورشة إلى التعليق: «الدولة تتأخر علينا في كل شيء».
برغم الخسائر التي يتكبّدونها، يشعر أصحاب المحال في السوق بأن بقية الأسواق في باب التبانة «ستغار منا، وستفكر في طلب إعادة التأهيل أيضاً» يقول أحدهم، قبل أن يتوجه بالسؤال إلى صبح: «هل البلدية قادرة على تأهيل كل المنطقة مثلما هي الحال عندنا»، فيجيبه الأخير: «لقد استطعنا تأمين تعويضات لمنطقة باب التبانة بقيمة مليار و800 مليون ليرة عن طريق الحكومة، ونأمل أن ننفذ بهذا المبلغ مشاريع مماثلة».