الحق في خدمات بلدية: بيت الشباب والثقافة في زوق مكايل نموذجاً
صحيفة النهار ـ
رلى مخايل:
“بيت الشباب والثقافة” في زوق مكايل خدمة بلدية توفر مساحة للتلاقي والاطلاع والمشاركة، وتقدم مروحة من النشاطات والتدريبات والخدمات الهادفة الى رفع قدرات الناس المقيمين فيه. في جعبته الى اليوم تنظيم اكثر من 400 نشاط، ويصفه المتتبعون لنشاطاته بأنه “القلب النابض في منطقة كسروان”.
قبل اربعة اعوام، اطلق رئيس بلدية زوق مكايل المحامي نهاد نوفل فكرة تأسيس بيت للشباب والثقافة في البلدة، وطلب الى مجموعة ناشطة من أهاليها التطوع من أجل بلورة هذه الفكرة ومأسستها. هكذا انضمت الى فريق العمل اليان فرسان الناشطة والمتحمسة لتعزيز دور البلدية كوحدة اساسية في التنمية المحلية، وهي اليوم تدير هذا البيت الذي يشغل ثلاث طبقات في بلدية زوق مكايل. تقول فرسان: “نحن اردنا عبر هذا المشروع ان نوفر حقا من حقوق الناس ان يكون لديهم خدمات ثقافية وفنية وعلمية في المنطقة التي يسكنون فيها. وفي الزوق يقطن اكثر من 35 الف نسمة. ومن حقهم ان تتوافر لهم خدمات”. وتتابع: “انا من عائلة متواضعة عملت بجد حتى اتمكن من ان اتعلم واتخرج في الجامعة. واعرف تماما اهمية ان تتاح الفرص للشباب لرفع قدراتهم وتنمية طاقاتهم وتوفير فرص لهم”.
التنمية المحلية
هذا البيت يشكل خدمة بلدية تقدم لأبناء البلدة وسكانها. وهي فكرة سباقة اطلقها نوفل ايمانا منه بأن البلدة التي حملت لقب مدينة السلام للعالم العربي في 1999 يجب ان تبقى على هذا المستوى، وتعمل على اشراك الناس وتوفير خدمات بلدية مميزة لهم، على ما تشرح فرسان. ثمة افكار مسبقة ان منطقة كسروان ليست في حاجة الى تنمية، وهذه فكرة مغلوطة. هناك حاجة ماسة الى التنمية وتوفير خدمات للناس. هذه الخدمات تأخذ ابعادا مختلفة من مكتبة عامة توفر الكتب والمراجع “وقد عملنا على توسيع المجموعة المكتبية عبر الاتصال بدور النشر والجامعات التي لبت دعوتنا، واصبح لدينا مجموعة كبيرة من المراجع التي يمكن الاستعانة بها، ومن الكتب للمطالعة”. وفي احيان كثيرة يشكل البيت ملجأ لشباب وصبايا للدراسة اذا لم يتوافر في منازلهم الجو المناسب من الهدوء. نشاطات كثيرة ينظمها البيت تدور حول المطالعة، كورشات العمل المتعلقة بالتقنيات الكتابية. وتقول فرسان: “سنطلق قريبا مسابقة حول الكتابة بين مدارس المنطقة”.
صناعات ابداعية
يعمل هذا البيت ايضاً على تشجيع الصناعات الابداعية، فماذا يعني هذا الامر؟ تشرح فرسان ان كلفة الاستثمار في هذا القطاع ليست عالية انما انتاجيته عالية جدا. “ونحن نعمل على رفع قدرات الشباب في الادب والمسرح وصحافة المواطن”. الدعوات للمشاركة والتسجيل تنشر على صفحة “فايسبوك” الخاصة ببيت الشباب والثقافة، اضافة الى الموقع الالكتروني الخاص به وفي قنوات الاعلام المحلي المعتمدة في البلدية. ويوفر احد برامجه التدريبية تنمية قدرات التواصل لدى الشباب عبر استخدام ادوات التواصل الجديدة وتعزيز حضورهم في هذه المنتديات. تقول فرسان: “اليوم اصبحت صحافة المواطنة من افضل الادوات التي يتم استخدامها للتعبير عن الآراء، ونحن نسعى عبر اقامة دورات متخصصة في هذا المجال ليس فقط الى تمكين الناس من هذه الوسيلة انما حضّهم ايضا على التعبير واطلاق افكار جديدة وليس فقط الاكتفاء بالتذمر من الاوضاع، من دون ان يكون لديهم تصور لحلول وافكار للتغيير”.
ومن ضمن برامجه ايضا، استضافة تدريبات اقليمية ودولية في اطار برامج تعاون، “ونسعى عبر هذه الاستضافات لترويج السياحة في نطاقنا البلدي عبر تشجيع المشاركين في هذه الدورات على الاقامة في فنادق المنطقة واكتشاف الخدمات فيها. ومن المهم ان نشير الى اننا استضفنا وفودا من المنطقة لعربية ارادوا التدرب لدينا والتعرف على تجربة بين الشباب والثقافة”.
اللامركزية الادارية
ترى فرسان ان هذا العمل انطلق ايمانا باللامركزية الادارية، فعلى البلدية ان تفرض حضورها على الارض عبر الخدمات التي تقدمها، وان تثبت مدى قدرة هذه الخدمات على الاستجابة لتطلعات الناس الحقيقية وحاجاتهم. “نحن ليس لدينا موارد مالية كبيرة، انما نسعى الى التعاون مع الجهات المانحة وجمعيات المجتمع المدني، ومنها جمعية “اتحاد لبنان للتنمية”، وهي جمعية تعنى بقضايا التنمية ورفع القدرات في منطقة كسروان. نحن نؤمن بأن هناك حاجة الى الاستثمار في التنمية البشرية في هذه المنطقة ونعمل على مستويات عدة منها الثقافي ومنها ايضا التدريبات العملية. وعملنا في الفترة السابقة على رفع قدرات نساء منهن ربات بيوت ومنهن من يحتجن الى مواكبة حاجات العمل في استعمال الكومبيوتر والانترنت”.
والجدير ذكره ان “بيت الشباب والثقافة” مرشح لجائزة “غاوانغزو الدولية للابداع العمراني في الترويج لتنمية انسانية مستدامة من خلال استراتيجيات شبابية في الحكومات المحلية”، التي ستجري فعالياتها في الصين في تشرين الثاني المقبل، تحت عنوان “هكذا الاحلام تصبح حقيقة”.