تركيب 760 عموداً على الطاقة الشمسية في الهرمل
صحيفة السفير ـ
ركان الفقيه:
يولد الضوء المنبعث من مصابيح 760 عمودا للإنارة بالطاقة الشمسية ليلا، شكلا هندسيا جميلا، شعورا بالالفة ينتاب أبناء مدينة الهرمل وزائريها، وذلك منذ لحظة الانعطاف غربا، بعد أمتار قليلة من موقع المحطة القديمة للقطارات، على الخط الدولي بين بعلبك وحمص، وعلى امتداد عشرة كيلومترات أو من بلدة القاع وبطول خمسة كيلومترات حيث يلتقي الطريقان عند المدخل الشرقي للمدينة بالقرب من جسر نهر العاصي.
يدفع المشهد الذي يمتد بشكل متناسق بالكثير من أبناء المدينة وزوارها إلى التعبير عن إعجابهم بالطابع الجمالي الذي يضفيه على المكان، ويساعدهم على عبور الطريق، وكأنهم داخل الشارع الرئيسي للمدينة، ناهيك عن دوره في إرشادهم خلال سلوك تلك الطريق التي تتميز بكثافة الضباب، خلال بعض أيام فصل الشتاء. وهو ما يؤكده محمد عمرو (مدير مقهى ومطعم على ضفة نهر العاصي) قرب الجسر الذي يشكل المعبر الوحيد للسيارات والأشخاص من مدينة الهرمل واليها.
الكلفة مليون و72 ألف دولار
لا تقتصر أهمية المشروع الذي تم إنجازه قبل حوالي الشهر، على إنارة تلك المسافة من الطريق إلى مدينة الهرمل، بل في استخدام أشعة الشمس كمصدر نظيف ومتجدد لتوليد الطاقة الكهربائية، وينسجم مع توجه اتحاد بلديات الهرمل في الحفاظ على البيئة النظيفة للمدينة التي يسعى الاتحاد الى تحويلها عاصمة للسياحة البيئية في لبنان. وذلك بسبب تنوع وجمال طبيعة المنطقة، وبقائها حتى الآن بعيدة عن الانبعاثات الغازية والنفايات الكيماوية للمصانع والسيارات وفقا لقول رئيس اتحاد بلديات الهرمل مصطفى طه.
ويضيف طه قائلا: «ان وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، وبعد مطالبة من الاتحاد بإنارة الطريق المؤدية الى المدينة، اقترح أن يتم ذلك بواسطة الطاقة الشمسية، فكان الترحيب كبيرا من جهتنا، بسبب توجه الاتحاد من أجل الحفاظ على الطابع البيئي لمدينة الهرمل، خصوصا أنها باتت من المناطق الأكثر نظافة من الناحية البيئية في لبنان، وتعهد الاتحاد بتقديم الصيانة العامة للمشروع».
ويعتبر طه أن جودة ونوعية التجهيزات المستخدمة في المشروع، تقع على عاتق الفنيين التابعين لوزارة الأشغال العامة والنقل الذين يشرفون على تنفيذ المشروع، إضافة لدور الاتحاد أيضا، عبر المهندسين التابعين له والذين راقبوا وتابعوا أعمال المشروع يوميا.
ويوضح أحد المهندسين المشرفين على المشروع من قبل اتحاد بلديات المنطقة احمد شاهين، ان الكلفة الإجمالية للمشروع وصلت الى مليون و72 ألف دولار أميركي، وذلك بتمويل من وزارة الأشغال العامة والنقل، مع كفالة لمدة سنة من الشركة التي تعهدت أعمال المشروع الذي يفتح الباب واسعا أمام استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية في لبنان والذي يساهم في غنى المنطقة بالأيام المشمسة والطويلة على مدار السنة في نجاح المشروع. ومن المقدر أن تضيء مصابيحه بين 9 ساعات ليلا حداً أدنى و12 ساعة حداً أقصى.
الجدوى البيئية والاقتصادية
يتساوى الشعور بالارتياح الذي يولده إنجاز المشروع لدى أبناء المنطقة، بالكثير من القلق حول مدى نجاح تجربة الإنارة بالطاقة الشمسية الذي يبقى مرهونا بجودة التجهيزات المستخدمة والإمكانات المالية لاتحاد بلديات المنطقة على تحمل كلفة الصيانة اذا ما كانت مرتفعة جدا.
ويقول مهندس الطاقة المتجددة في مشروع «سيدرو» التابع لبرنامج الأمم المتحدة في لبنان ايلي أبو جودة، إن أجهزة الإنارة بالطاقة الشمسية بدأت تنتشر في لبنان حيث يتم استخدامها لإنارة طريق بيروت دمشق في منطقة ضهر البيدر والجنوب والبقاع. ويؤكد ان الكلفة المالية لاستخدام أجهزة الإنارة بالطاقة الشمسية كبديل للطاقة الكهربائية التي تنتجها شركة كهرباء لبنان، لا تبدو مجدية إذا ما تم النظر اليها من الناحية المالية فقط، خصوصا ان أسعار الطاقة الكهربائية في لبنان غير مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى. ويلفت الى أن أهمية هذا النوع من الطاقة في لبنان هو توفيرها للطاقة الكهربائية دون أي انقطاع في ظل التقنين المتزايد للطاقة الكهربائية في لبنان، لأنه يمتد لساعات طويلة، ولكن تبدو أهمية استخدام الطاقة الشمسية في الإنارة، كونها توفر الطاقة الكهربائية على مدى أربع وعشرين ساعة، إضافة إلى أهميتها من الناحية البيئية في الحد من الغازات الناتجة من استخدام المحروقات في إنتاج الطاقة الكهربائية، اذا ما انتشرت على نطاق واسع. وتبدو المشكلة الأولى التي تقف عقبة في انتشار هذا النوع من الطاقة في ارتفاع كلفتها، حيث يبلغ يتراوح سعر العمود الواحد والشريحة المعدنية والبطارية والمصباح بين 2000 و2500 دولار أميركي، ويصل عمر هذه الأجهزة إلى حوالي العشر سنوات، شرط أن تكون ذات مواصفات جيدة، وكل ما تحتاجه لجهة الصيانة، هو تنظيف الشرائح المعدنية في بعض الأحيان، اذا تراكمت فوق سطحها الأتربة والرمول التي تجلبها الرياح، ولكن هذا الأمر تتكفل به عموما في لبنان الأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء.
يؤكد المهندس الفني في شركة كهرباء لبنان حسان الفقيه ما أشار اليه المهندس أبو جودة بعد المقارنة بين كلفة إنارة الطرق بالطاقة الشمسية أو الطاقة الكهربائية المنتجة في شركة كهرباء لبنان لان كلفة تركيب العمود والأسلاك والمصباح وبدل كمية الكهرباء المستهلكة خلال عشر سنوات يقارب المليوني ليرة لبنانية بينما كلفة الإنارة بالطاقة الشمسية لنفس المدة الزمنية تتجاوز الثلاثة ملايين ليرة لبنانية، وتبقى أهمية الإنارة بالطاقة الشمسية وتفضيلها بسبب الجوانب التي ذكرها المهندس أبو جودة.