اتحاد بلديات غربي بعلبك: إنجازات تعترضها معوّقات.. وترفدها طموحات كبيرة
خاص ـ موقع بلديات لبنان ـ
عصام البستاني:
من المسلّم به أن إنشاء الاتحادات البلدية يعدّ فكرة مهمة، كونها تساعد على إقامة مشاريع مشتركة تعني كل الناس في مجالات مختلفة، فضلاً عن أن المجموعة التي تمثّل البلديات المنضوية تحت لواء الاتحاد تُحدث تنوعاً في الأفكار والأهداف ينتج عنها مشاريع مهمة، حيث أن للاتحاد موازنة وهناك مشاريع تنموية مشتركة.
أُنشئ اتحاد بلديات غربي بعلبك في العام 2005 بقرار وزاري بهدف تنمية المنطقة، وهو يضم إحدى عشرة بلدية هي شمسطار، طاريا، تمنين التحتا، تمنين الفوقا، قصرنبا، بدنايل، حدث بعلبك، جبعا، حزين، حوش الرافقة وحوش سنيد.
كان لنا لقاء مع رئيس اتحاد بلديات غربي بعلبك الحاج زاهي الزين وسألناه عن المشاريع التي قام بها الاتحاد فكانت إجاباته كالتالي:
في السنوات الأولى من انطلاق الاتحاد كان الانهماك في تأسيس مؤسسات الاتحاد ووضع الخطط والدراسات. وبدأ العمل فعليا في الاتحاد في العام 2010، وخلال هذه الفترة قمنا بتنفيذ العديد من المشاريع، فكانت الخطط توضع بناءً على الحاجات.
بعد أن تم تعبيد الطريق العام الذي يربط تمنين التحتا ـ التي تشكل مدخل الاتحاد الجنوبي ـ ببلدة كفردان ـ التي تشكل مدخل الاتحاد الشمالي ـ بجهود ومتابعة حثيثة من قبل الاتحاد ونواب كتلة الوفاء للمقاومة، وجدنا أن الطريق تحتاج إلى إضافات كثيرة من أجل السلامة العامة، فوضعنا برنامجاً لحفظ المواطنين، فنفّذنا مشروع “عيون القطط” (مسامير الإنارة الليلية) على طول الطريق، وباشرنا بمشروع وضع إشارات سير على الطرقات لإرشاد المواطنين إلى مقاصدهم. وقمنا بانشاء كابينات انتظار للمواطنين الذين يرغبون باستقلال الحافلات أو وسائل النقل العامة تقيهم الامطار والشمس على امتداد الطريق باتجاه تمنين ـ شمسطار ـ كفردان وباتجاه حوش الرافقة ـ “النقطة الرابعة”.
كما تم زرع ستة آلاف شجرة على جوانب الطرقات العامة. كما باشر الاتحاد بتنفيذ مشروع تعبيد الطرقات وإقامة جدران الدعم في قرى الاتحاد كافةً بكلفة تقارب مليار وخمسمئة مليون ليرة، وقد تم إنجاز جزء من هذا المشروع، ويُستكمل بعد تحسن الطقس الذي أخّر الأعمال لبعض الوقت.
أيضاً في المشاريع البيئية التجميلية، نفذ اتحاد بلديات غربي بعلبك زراعة خط الوسط الممتد من “النقطة الرابعة” في حوش سنيد وحتى مفرق بريتال على الطريق الدولية (بالورد والأشجار) لما لهذا المدخل من اعتبارات تعني المنطقة.
وعن النشاطات الخارجية التي يقوم بها الاتحاد فقال الحاج الزين:
تم توقيع بروتوكول معاهدة تاخي وتعاون متبادل بين الاتحاد وبين الجمعية الوطني للبلديات الايطالية “فرع لاتسيو –روما” في العام 2011 وذلك من خلال زيارة قام بها وفد من الاتحاد الى روما وبعدها قام وفد من بلديات اللاتسيو بزيارة الاتحاد وتم الاتفاق على تنفيذ بعض المشاريع. ونستطيع القول إننا انتقلنا الى المرحلة العملية من الاتفاقية.
أما عن المشاكل التي تواجه الاتحاد، قال الحاج الزين:
إن المشاكل التي تعترض عمل الاتحاد، كما كل البلديات، تتركز في الروتين الاداري وتأخير تسليم أموال الصندوق البلدي المستقل، وحاجة المنطقة الكليّة، التي تتطلب سرعة في العمل ووفرة في المال. لذلك نحن نطالب الدولة بتحديث القوانين البلدية لأن القانون الحالي للبلديات ما زال قانون السبعينات ومطلوب إنماء وضع محافظة بعلبك الهرمل لأهميتها ومفاعيلها الادارية، خاصة لجهة تسهيل الأعمال الإدارية للمواطن والمؤسسات والبلديات (اللامركزية الادارية)
أضاف رئيس اتحاد بلديات بلديات غرب بعلبك:
كما ولدينا مشكلتا النفايات والصرف الصحي ونطمح إلى تسويتهما عبر مشروعين: مشروع الليطاني ومشروع الصرف الذي يشكل ـ في حالة عدم معالجته ـ يؤدي إلى عواقب صعبة وقد يشكل كارثة على القرى المجاورة لنهر الليطاني.
كما ونطمح إلى مشروع بيئي كبير نأمله من وزارتي الزراعة والبيئة، ونحن بصدد إنجاز دراسته، وهو إقامة محميات طبيعية في السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الغربية، لما له من مفاعيل إيجابية على المستوى البيئي، وذلك امتداداً من نيحا وحتى قرى بيت مشيك. وهذا مشروع يحتاج إلى خطة طويلة.
ومن المشاكل التي نعانيها عدم وجود سدود لحفظ المياه والمتساقطات. نحن نشعر بالسرور عندما نرى الوزراء والنواب يدشّنون السدود في المناطق اللبنانية، ولكننا شعر بالغصّة أيضاً لأننا محرومون من هذا النوع من المشاريع الحيوية، كما ويتملّكنا الألم لوجود الحرمان عندنا، ولعدم وجود رؤية لدى الدولة للإنماء المتوازن في كل المناطق.
السدود لها مفاعيل إيجابية لجهة ري المزروعات والأراضي العطشى في فصل الصيف وهذا الموضوع هو موضوع مناشدة من كل المزارعين.
وتابع الحاج الزين: نحن نحمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية عدم وجود سياسات هادفة تخدم المنطقة بشكل عام.
وختم رئيس اتحاد بلديات غرب بعلبك حديثه الخاص لـ “موقع بلديات لبنان” قائلاً: نشكر وزير الزراعة الذي حقق قفزة نوعية لجهة وضع برامج مفيدة لكل المزارعين وبشكل متوازن في كل لبنان منها مراكز تعبئة الحليب والزراعات التي لها مردود كبير كالزيتون وإقامة الندوات. كما ونشكره على المبادرة لتوقيع بروتوكول بين الوزارة والاتحادات لجهة الاستفادة من مهندس زراعي وطبيب بيطري مكلّف من قبل وزارة الزراعة وعلى حسابها بالعمل في نطاق الاتحاد لخدمة المزارعين.
اتحاد بلديات غرب بعلبك
في العام 2005 أنشئ اتحاد بلديات غربي بعلبك، وهو يضم إحدى عشر ة بلدية وهي بلديات: تمنين التحتا، تمنين الفوقا، قصرنبا، بدنايل، حوش الرافقة، حوش سنيد، حزين، طاريا، حدث بعلبك، جبعا وشمسطار التي تعتبر عاصمة الاتحاد ومركزه بناءً لقرار وزاري، فضلاً عن أنها أكبر البلدات، وهي أقرب للمدينةأ وتضم العديد من الإدارات والدوائر الرسمية، وتنضوي تحت إدارتها العديد من القرى والبلدات.
وتمتد أراضي الاتحاد على مساحة مئتين وواحد وثلاثين كيلومتراً مربعاً، ويتجاوز عدد سكان بلداته خمسة وستين ألف نسمة، يعتمدون في معيشتهم على الزراعة والقطاع الوظيفي.
على السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الغربية تنتشر قرى اتحاد بلديات غرب بعلبك، وتمتاز بغالبيتها بالسهول الفسيحة والخصبة، والتي تنتج أنواع الحبوب والخضار والفاكهة. كما تمتاز بأنها تحتوي على الكثير من الآثار من العهد الفينيقي والعهد الروماني والتي تعتبر امتداداً لقلعة بعلبك الشهيرة، إذ أنها مبنية بالطريقة نفسها، وأخذت أسماء “آلهة” رومانية أو “أبناء الآلهة”.
1- تمنين التحتا
وهي أولى بلدات قضاء بعلبك، فيها الكثير من الشواهد الحضارية كالنواويس والأعمدة التي تعود إلى العصر الروماني، وفيها عين ماء أثرية مبنية بعقد حجري وتنساب مياهها بمزاريب محفورة في الصخر.
تمتاز بلدة تمنين التحتا بسهلها الخصيب حيث تنتشر زراعة الكرمة والخضار والفواكه والبطاطا.
2- تمنين الفوقا
وتقع في وادٍ تحيطه الجبال من كل الجهات، تنتشر فيها “الغياض” والأشجار المختلفة، وتتدفق من جبالها المياه العذبة. ويزيد من أهمية البلدة التي تمتاز بالزراعة وخاصة الكرز والمشمش والعنب وجود آثار رومانية فيها يطلق عليها اسم جب الحبش، وهي معبد روماني في داخله بئر ماء تتدفق مياهه لتشكل نهراً صغيراً يخترق بلدتي تمنين الفوقا وتمنين التحتا ويصب في نهر الليطاني.
3- قصرنبا
تتربع على مرتفع شاهق، وعند أقدامها تنتشر كروم العنب والأشجار المثمرة. وفي الأودية تمتد عروق الورد الذي تمتاز البلدة بصناعة مائه وشرابه. ومن قلعتها الرومانية (قصر نابو) يمكن للزائر أن يشرف على جزء كبير من سهل البقاع ويشاهد أروع منظر تشاهده العيون.
4- بدنايل
تعتبر بلديتها من أقدم البلديات في لبنان، وامتازت البلدة بآبائها الذين يتدحدرون من أسر كان لها حظوتها في الماضي، فتولوا المناصب ووصلوا إلى مراتب وظيفية مهمة، ما مكّن البلدة من تحصيل عدد من المرافق والمؤسسات التربوية والاجتماعية. وفيها نادٍ رياضي نال بطولة لبنان لكرة الطائرة. فيها شواهد حضارية وآثار كما تنتشر فيها البيوت التراثية والقرميدية القديمة.
5- حوش الرافقة
تقع في منطقة وسط بين سلسلتي جبال لبنان الغربية والشرقية، وتصل قرى المنطقة ببعضها كما تمنين التحتا، ويجاورها نهر الليطاني الذي يخترق أراضي قرى الاتحاد كافةً. وتمتاز بلدة حوش الرافقة بعذوبة مائها وكثافة اشجارها وطيبة أهلها.
6- حوش سنيد
تخترقها الطريق الدولية، فيها بلدية مستحدثة. إلا انها على تواضعها،تضم في نطاقها البلدي أهم المرافق الزراعية والاقتصادية في المنطقة كمعهد الأبحاث الزراعية التابع للجامعة الأميركية ونادي رتباء الجيش وشركة ألبان لبنان ومصانع ومدارس، وتحوي في أراضيها قصراً قديماً يزيد عمره عن مئة وخمسين عاماً، كما فيها آثار لـ “كامبات” عسكرية من عهد الانتداب الفرنسي وعددها ثمانية.
7- حزين
تحدّ أرضها الزراعية الشاسعة أراضي بلدة حدث بعلبك. وإن كانت تنتشر في حزين بعض الشواهد الأثرية لحضارات قديمة، إلا أنها تمتاز بزراعة القمح والخضار وتربية بعض قطعان الماشية والخيول العربية الأصيلة. وتعبّر بلدة حزين عن الريف بكل معنى الكلمة، وهي مركز لأهم العائلات السياسية اللبنانية وما زالت أملاكهم قائمة في البلدة.
8- جبعا
أولى بلدات الاتحاد لجهة الشمال، تجاور بلدة كفردان، حيث تخترقها مياه اليمونة الشهيرة ببحيرتها ومنتزهاتها. وهي بلدة قديمة ما زالت آثار بيوتها القديمة شاهدة، وتختلط بالحديث، فترى البيوت الحجرية الراقية إلى جانب البيوت الباطونية المستحدثة، ويعمل أهلها بالزراعة و أهمها زراعة الزيتون وبعض الحبوب، فضلاً عن انتشار الأشجار الحرجية في نطاقها البلدي من سنديان ولزّاب وشربين وغيرها.
9- حدث بعلبك
وهي بلدة فيها الكثير من الميّزات التي تجعل منها نموذجاً، حيث يتعانق فيها المسجد مع الكنيسة في وحدة منسجمة تحكي المحبة والتآلف بين الأهالي بطوائفهم المختلفة . ولبلدة حدث بعلبك قصة مع التاريخ، فهي تضم بين جنباتها الكثير من الشواهد التاريخية والأثرية من عصور مختلفة. وإلى اليوم ما زالت تكشف خباياها عن كنوز من التاريخ المدفون في باطن أرضها ومنها يمكن الانطلاق إلى افقا وجبل صنين حيث يتمتع الزائر بالثلج الناصع والجو اللطيف خاصة خلال فصل الصيف.
10- طاريا
الكرم وحسن الضيافة صفة أهلها، والطيبة جبلتهم مع أرضهم المعطاءة التي أظهرت خيراتها غلالاً من القمح والعنب والتين والخضار وتدفقت مياهها ينابيع تخرج من أقبية أنشأها الرومان، واستفاد منها كل من أتى بعدهم، فكانت الأقنية للري وتشكلت بحيرة رائعة الجمال (حوشباي) لتصبح مقصداً لطالبي الراحة والاستجمام.
وأقيمت بالقرب منها مقاه ومنتزهات استفادت من الأشجار الكثيفة التي تنتشر في المكان . كما أن المغاور والآبار وآثار من عهود مختلفة تنتشر في نطاق بلدة طاريا لتزيد من أهميتها التاريخية والحضارية.
11- شمسطار
تعتبر عاصمة الاتحاد، بل هي نقطة المركز بالنسبة لعشرات القرى التي تنتشر على السفح الشرقي لسلسلة لبنان الغربية كونها تحوي العديد من الدوائر الرسمية، خاصة دائرة النفوس ودائرة الأمن العام والشؤون الاجتماعية، ومدارس مهنية وأكاديمية رسمية وخاصة.
كما أن مركز الاتحاد كائن فيها بقرار رسمي. وبلدة شمسطار تجمع بين المدينة والقرية فهي تشكل سوقاً للقرى المجاورة حيث فيها عشرات المؤسسات والمحال التجارية المختلفة الاختصاصات والمراكز الرسمية، وفيها مسابح ومنتزهات، كما كل القرى في الاتحاد.
إن ما يجمع قرى الاتحاد هو اشتراكها جميعها بالقضايا نفسهاعلى مستوى التاريخ والحاضر، فكلها تحوي آثاراً من الحضارات نفسها وكلها تنتج الأصناف ذاتها من الزراعات، وهموهما الإنمائية واحدة، حيث أن المشاكل الموجودة هي نفسها في كل البلدات.
وإذا كانت البلديات تسعى جاهدة لرفع المستوى الإنمائي لهذه البلدات وتقديم ما أمكن من خدمات الا ان هناك ثلاثة عناوين كبيرة غاية في الأهمية وهي أكبر من قدرة البلديات والاتحاد.
الأول: على المستوى البيئي: فإن نهر الليطاني والذي ينبع من العلاق شمالي بعلبك يخترق أراضي قرى الاتحاد كافة. ونتيجة توجيه مياه الصرف الصحي في بلدات المنطقة إلى مجرى النهر فإن التلوّث الذي يشهده المجرى يتهدد قرى الاتحاد فضلا عن قرى أخرى بمخاطر صحية كبرى.
الثاني: بلدات الاتحاد تنتج أفخر انواع الفواكه والخضار والحبوب. ويعتمد أغلب سكانها على الزراعة. وهم يواجهون مشكلة في التصدير تؤدي إلى تلف الانتاج. لذا من المهم إنشاء مركز لتبريد وحفظ المنتجات وآخر للكونسروة وتجفيف الفاكهة وللتصنيع الزراعي، ما يساعد على تطوير الزراعات وتحسين نوعيتها، فضلاً عن تحسين أوضاع المزارعين.
الثالث: لا تخلو بلدة من قرى الاتحاد من أثر مهم أو مركز مهم من العهود والحضارات التي مرّت على المنطقة، وأهمها الرومانية والفينيقية، وبعضها لا يقل أهمية عن قلعة بعلبك، بل إن بعضها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بها، ومع ذلك فهي لا تلقى اهتماماً، لأنها تحتاج إلى تنمية سياحية وبنى تحتية وترويج إعلامي لحضور السياح إليها للتعرف على ما تركه الأجداد في هذه الأرض.