صحيفة البناء ـ
محمد غزالة:
تبعد بلدة المنصوري عن مركز القضاء ـ مدينة صور 12 كيلومتراً، وعن العاصمة بيروت 90 كيلومتراً، تحدها من الشمال بلدة النية، ومن الجنوب ضهر البياض، ومن الشرق مجدل زون، أما غرباً فيحدها البحر الابيض المتوسط.
إنها بلدة المنصوري الجنوبية، عدد سكانها حسب سجلات القيد نحو 3600 نسمة، موزعين على اكثر من 30 عائلة، وأبرز هذه العائلات: خشاب، مديحلي، زبد، شويخ، تقي، عمار، جحا، سلمان، وصفي الدين. وقد اشتهرت منذ عقود بسهلها الذي تزرع فيه شتى أصناف الزراعات الموسمية، والأشجار المثمرة كالحمضيات والموز، وأيضاً الخضار، كما تشتهر بتربية النحل.
تميزت بلدة المنصوري بمقومات لبنان الطبيعية من بحر وسهل وجبل، وهي قلعة من سلسلة القلاع الوطنية المتاخمة لحدود الوطن مع فلسطين المحتلة، ما جعلها اكثر القرى تعرضا للهمجية الصهيونية.
قصتها مع الاحتلال
من أنقى صورالصمود والمواجهات والتضحيات، التي خلدت مجدها ورفعتها الى المقامات النضالية والجهادية في تاريخ الصراع مع الصهاينة، وبالأخص على ارض جبل عامل، حيث قدمت العشرات من ابنائها شهداء في سبيل الأرض والعزة والكرامة، ومازالت البصمات الصهيونية الحاقدة واضحة المعالم على المنصوري، ومنها تلك الصورة التي تحكي عن الأطفال الأبرياء الذين استهدفتهم طائرة «آباتشي» في سيارة إسعاف، على الطريق العامة في البلدة، واحدثت تلك المجزرة الشهيرة في نيسان العام 1996 التي هزّت الضمائر، كما تعرضت البلدة إلى تدمير مئات المنازل السكنية والمحال التجارية والصناعية. اما في القطاع الزراعي، فكانت آثار الاعتداءات الصهيونية بالغة الشدة على مساحة كبيرة من اراضيها الزراعية، فضلا عما خلفه العدو من آلاف الأدوات المفخخة والقنابل العنقودية، التي تعرض لأذيتها عدد من ابناء البلدة والمنطقة، الذين كانو يزاولون اعمالهم الزراعية، ناهيك عن الأضرارالمتواصلة التي المت بهذا القطاع، نتيجة العوامل الطبيعية التي كانت تصيب كل لبنان.
البلدية
امام ما تعرضت له بلدة المنصوري من نكبات وكوارث عدوانية وطبيعية، وكما انجبت ابناء لم يبخلوا بالأنفس والدماء في سبيل حفظ سيادة الوطن من الغدر والاحتلال، فهي غنية أيضاً بالخلص ممن لم يركنوا للضعف والهوان في مسيرة بلدتهم، نهضة وتطويراً، فتنبري خيرة منهم للعمل في مجالات شتى للوصول ببلدتهم الى الهدف المنشود، إنمائياً واجتماعياً، وثقافياً وتربوياً، وخدماتياً، كلٌّ في مجاله، حيث يترجم هؤلاء جهودهم من خلال أنديةٍ ثقافيةٍ ورياضيةٍ، واجتماعية، ودائما برعاية المجلس البلدي، القيّم على الشؤون العامة في البلدة.
في اطار متابعة الشؤون البلدية، زارت «البناء» بلدة المنصوري، واطلعت على واقعها، وعلى دور البلدية في انمائها، والتقت رئيس البلدية حسن خشاب، الذي اعتبر المنصوري كباقي القرى والبلدات الجنوبية التي واجهت الغطرسة الصهيونية تكراراً، وقال: «يمكننا اعتبارها اكثر القرى التي تعرضت لهذه الهمجية، بحكم موقعها الجغرافي المتاخم لفلسطين المحتلة، ومن الطبيعي ان تتبوأ البلدة موقعاً مقاوماً صامداً، لأن أهلها يأبون الخنوع، والانهزام امام العدو المحتل والمعتدي. لذلك واجهنا ما واجهناه، وكانت التضحيات التي نعتز بها، ونفتخر بتلك العطاءآت والشهداء الذين سبقونا بنيل هذا الشرف المجيد».
تكاتف واستمرارية
وأضاف خشاب: «لقد آلينا على انفسنا من خلال المجلس البلدي ان نكون على قدر تلك العطاءآت والتضحيات التي بذلت بفضل دماء الشهداء والجرحى، وعرق المناضلين والمجاهدين من مختلف اطياف المقاومة، والذين صمدوا في البلدة، ان نقوم بواجباتنا المطلوبة على صعيد الانماء بمختلف جوانبه، التي تضفي مزيدا من التطور والازدهار. حيث نعمل كمجلس بلدي يدا واحدة للصالح، خصوصاً أننا نتمم ما بدأه المجلس البلدي السابق، وقد حققنا عدداً من المشاريع الحيوية على صعيد البنى التحتية، وشق وتعبيد طرق عامة وداخلية، ومتفرعات، وأقمنا حيطان الدعم واستحدثنا الارصفة، وجدران تجميلية، وإنارة، فضلاً عن بناء ملعب رياضي بالتعاون مع القوات الدولية (الايطالية والتركية)، التي تدعمنا أيضاً في الجوانب الإنسانية والاجتماعية والصحية».
احتياجات
وحول احتياجات البلدة يقول خشاب: «مما لاشك فيه ان البلدة تحتاج إلى الكثير من المشاريع، لأن ما ذكرناه من مشاريع لا يفي بالغرض، خصوصاً أن المنصوري تعد من كبريات بلدات القضاء، انما الأمكانيات ضئيلة وغير متوفرة، وسبل الجباية ليست كما يجب نتيجة الضائقة المعيشية التي يعاني منها معظم ابناء البلدة، ولولا بعض المغتربين والميسورين لكانت الأوضاع اشد صعوبة. كما أن الجهات الرسمية لا تدعم البلديات كما يجب، وصراحة لم يكن هذا الدعم على قدر التضحيات، وكأن الدولة ليست معنية بتلك التضحيات، وكان صمود الأهالي والشهداء الذين دافعوا عن هذه الارض، دافعوا عن مصالح تجارية واقتصادية يمتلكونها او مراكز نفوذ يتسلطون عليها، وهنا لا بد من الاشادة بدور رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يدخر جهداً من اجل الانماء العام، والذي عمل على تأمين بعض المشاريع الحيوية، وأبرزها مدرسة رسمية حديثة، وتعبيد طرق، كما نخص بالذكر الوزير غازي العريضي الذي حقق مطلبنا الكبير بفتح طريق يبلغ طولها 4900 متر، تمتد من مفرق المنصوري حتى حدود بلدة مجدل زون».
مطالب
وطالب خشاب الدولة «بالتعويضات عن الأضرار الزراعية التي نتجت عن الاعتداءآت الصهيونية والعواصف، وقال: «ما من حكومة تسأل، ولا هيئة إغاثة، أما المتضررين فلا يحظون سوى بالوعود التي لافائدة منها حتى الآن».
وفي موضوع رخص البناء قال خشاب: «من اهم ما يعترض نمو وتطور البلدة، وخصوصا حل ازمة ضيق السكن عموما، نرفع الصوت عاليا عبر جريدة «البناء»، بأن اطلقوا يد البلديات لإعطاء رخص البناء والترميم، ضمن الأطر القانونية، بعيدا عن العشوائية التي لانسمح بها، فثمة أزمة حقيقية يعيشها الأهالي تتمثل بضيق السكن، خصوصاً لدى إقبال جيل الشباب على الزواج، كما نطالب بأن يشرّع قانون بهذا الخصوص، ويسمح بالترميم والبناء في الأملاك الخاصة، من دون عودة المواطن الى المحافظة أو القائمقامية».