صحيفة الأخبار ـ
كامل جابر:
تلقّت بلدية النبطية في الأيام الأخيرة عشر شكاوى من المواطنين للكشف على منازلهم التي يعتقدون أنها قد تكون مهددة بالسقوط، لتضاف إلى حيّ السراي القديم المهدّد منذ عقود
لطالما كان حي السراي القديم في النبطية موضع استنفار دائم للبلديات المتعاقبة على المدينة. ذلك أن أكثر بيوته مبنية من الحجر الصخري والطين، وهي إما سقطت، وإما آيلة إلى السقوط. وتداركاً للخطر، طوّقت البلدية الأماكن المهدّدة بالانهيار بشارات وعوائق، وطلبت إلى أبناء الحيّ التنبه إلى عدم الاقتراب منها أو المرور بمحاذاة جدرانها.
لكن تطويق المكان لا يكفي، فـ«هذه البيوت والجدران تحتاج، اليوم قبل الغد، إلى هدم كي لا تقع كارثة»، تقول السيدة أحلام، القاطنة في الحي، موضحة: «نحن نرفع الصوت منذ سنوات، ونطلب من البلدية هدمها، لكي لا تتكرر كارثة زهرة نمر وهبي التي سقط عليها أحد الجدران في عام 1996، بينما كانت تعبر بقربه»، مذكّرة أن وهبي «كانت في الـ41 من العمر، أم لثلاثة أطفال، وقد طمرت تحت البيت ولم تكتشف جثتها إلا بعد ساعات».
لا يحتاج أيّ عابر في الحي إلى من يؤكد له خطر البيوت القديمة فيه، المهجورة من أصحابها وسكانها، إذ يظهر التصدّع فيها جلياً للعيان «صارت هذه البيوت خالية عندما بدأت سقوفها تنهار، أو تعرّضت للقصف الإسرائيلي الذي كان يستهدف المدينة وخلّف فيها أضراراً جسيمة»، تقول الحاجة بلقيس جابر التي راحت تشير إلى الجدران المتصدعة، وإلى الأبنية المتلاصقة التي تفصل بينها زواريب ضيقة جداً، ولا خيار أمام سكان الحي إلا عبورها للوصول إلى بيوتهم، لافتة إلى أن «الأطفال يلعبون هنا دائماً».
أكثر البيوت الخطرة في الحي، هي تلك الأطلال أو المهجورة، التي تحوّل بعضها مرتعاً للحشرات والأفاعي والنفايات، «ما جعل قاطني الحي من أبناء المدينة والعمال السوريين يعيشون هاجس القلق من انهيار فجائي لجدار ما، في نهار عاصف أو نتيجة قصف رعود»، تتحدث جابر بكثير من الخوف ثم ترفع يديها مردّدة «الله ينجّينا من كارثة».
يؤكد رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل أن «البلدية وأجهزتها في حال استنفار قصوى، ومجلسها في انقعاد دائم»، والنقاش الدائر في البلدية حول تحديد المسؤوليات والآلية الأفضل للوقاية من وقوع أي كارثة. يطمئن كحيل إلى أن الأماكن المهددة في المدينة محددة وهي ليست كثيرة، ويشرح ما تقوم به البلدية في هذا الإطار: «تتابع لجنة الهندسة الموضوع، وما يعنينا هو السلامة العامة فقط ورفع الخطر تطبيقاً للمادة 74 من قانون البلديات، لأن إجراء مسح أو كشف هندسي ليس من صلاحياتنا إلا في حال ورود تعميم من وزارة الداخلية يقضي بضرورة إجراء المسح من قبل البلديات».
ويوضح أن «النقطة الأساس التي تعمل بموجبها البلدية هي الكشف بما لديها من قدرات ورفع تقرير يحدد ما إذا كان البناء يحتاج إلى كشف مخبري أو من قبل متخصصين. في حالة كهذه، القانون يلزم صاحب الملك، أو المستأجر على نفقة المالك، القيام بما يلزم. فالبلدية ليست معنية بالتصدي لسلامة البناء. إذا تبين لدينا وجود خطر ما يهدّد السلامة العامة، نبعث برسائل إلى المالك والمستأجر ونسخ إلى المحافظة والقوى الأمنية والقضاء المعني، ونطلب الإخلاء أولاً، ثم إجراء الفحوص اللازمة ثانياً».
لا يغيب نموذج حي السراي عن البلدية، فثمة موقعان بارزان، في منزل مطر وآخر في جدار قريب إلى الطريق الرئيسية. ويقول كحيل «كشفنا عليهما أمس، وصوّرنا البيت المهدد، وأعددنا تقريراً. نحن طالبنا بإخلاء البيت، وسوف نطلب إلى المالك ترميمه وتأهيله، أو إزالة هذا الخطر الموجود».
البلدية استنفرت شرطتها، وهي «تدأب في هذا الإطار على المتابعة، وتجول في الأحياء بحثاً عن أبنية مشابهة». وقد استقبلت نحو عشر شكاوى، لكن «لا يسعنا إلا القيام بالكشف الأوّلي وتحديد آلية التحرك، إن لجهة الكشف أو الإخلاء. ثم نرسل إلى أصحابها رسائل بالبريد المضمون من أجل نيل توقيع أصحابها على التبليغ. الموضوع حساس من ناحية القانون، ويحتاج إلى حكم قضائي، ولا يمكننا التصرف خارجهما. وثمة مبنى في حي البياض، يعرف ببناية الحريري، طلبنا إلى سكانه ضرورة إخلائه فوراً».
لا تستطيع البلدية القيام بالترميم أو الهدم، وليس في موازنتها إجراء مسح على نفقتها، «لأن الأمر أكبر من موازنة البلدية»، يقول كحيل، وموضوع المختبر مكلف جداً «ونحن حتى اليوم لم نقبض أموالنا لدى الدولة عن موازنة 2010. أما كلفة الكشف المخبري للشقة الواحدة فلا يقل عن 500 ألف ليرة، فكيف الأمر إذا كان مبنى من عدة طبقات؟».