ترميم سرايا بعلبك يهجّر إداراتها إلى حين
صحيفة الأخبار ـ
رامح حمية:
ليست المرة الأولى التي ستشهد فيها سرايا بعلبك الحكومية أعمال ترميم، لكن المختلف أنها ستخضع لترميم متكامل يحوّلها الى قصر بلدي.. في حما ستتعرض إدارات السرايا للتهجير والانتقال، وفي مقدمها سجن بعلبك
تخطّى عمر مبنى سرايا بعلبك الحكومية العشر سنوات بعد القرن، ليبقى بمثابة الشاهد العثماني على تطوّر المدينة وانتقالها من مرحلة زمنية إلى أخرى. هو أيضاً شاهد على العديد من الأحداث الأمنية، إذ شهد أعمال إحراق لمكاتبه وسجلاته في العام 1926، كما تعرّض إلى التكسير والسرقة في خمسينيات القرن الماضي. أما اليوم فهو يحتضن في غرفه وأروقته، التي لا تخلو من تشققات، عدداً من الإدارات الرسمية، بدءاً بالقائمقامية ومكاتبها والسجن وزنزاناته، مروراً بدائرة النفوس والمالية والوكالة الوطنية للإعلام، وصولاً إلى مكاتب أمن الدولة وقوى الأمن الداخلي.
وبما أن مدينة بعلبك ستصبح مركز محافظة بعلبك ـ الهرمل عاجلاً أو آجلاً، بمجرد صدور مرسوم تعيين المحافظ، فقد بات من الضروري إيجاد مبنى سرايا حكومية كبير، يحتوي عدداً أكبر من الإدارات الرسمية، وفي مقدمها مكتب المحافظ. اليوم، ضمن مشروع الإرث الثقافي وبالتعاون بين مجلس الإنماء والإعمار ومكتب التعاون الإيطالي وبلدية بعلبك، شُرع في دراسة مشروع ترميم مبنى سرايا بعلبك الحكومية، بغية «تحويله إلى قصر بلدي»، كما يؤكد رئيس بلدية بعلبك هاشم عثمان، الذي أشار إلى أن السرايا الجديدة لن تقام في ثكنة غورو كما كان مقرراً في السابق، «بسبب وجود المهجرين فيها والتعويضات المطلوبة والوزارة المعنية بذلك». وكشف أن البلدية تقدّمت بكتاب خطي إلى قيادة الجيش تطلب فيه «قطعة أرض بالقرب من ثكنة الشيخ عبد الله، بين بعلبك وعين بورضاي، لتشييد سرايا حكومية كبيرة تليق بالمدينة التاريخية وبمركز المحافظة».
وكان مبنى سرايا بعلبك قد شهد قديماً ما يقارب أربع عمليات ترميم، لكنها «بسيطة وغير كاملة»، بحسب عثمان، موضحاً أن عملية الترميم المزمع تنفيذها «ستكون مختلفة كلياً، إذ ستطول الدعائم الأساسية للمبنى مع الجدران، بالإضافة إلى الرخام والبلاط والدهان». أعمال الكشف والدراسة بدأت فعلياً من قبل عدد من مهندسي مجلس الإنماء والإعمار وإحدى الشركات المكلفة من مكتب التعاون الإيطالي، وقد لفت عثمان إلى أن المهندسين جالوا على مختلف غرف السرايا وأروقتها، كما حفرت بعض دعائمها وأخذت عينات منها «للوقوف على قدرة تحملها وحاجتها للتدعيم». أما تمويل مشروع الترميم فتقاسمته بلدية بعلبك مع مجلس الإنماء والإعمار والوكالة الإيطالية، على ألّا يقتصر الأمر على ترميم السرايا فقط، «بل سيترافق مع مشروع السوق القديم مقابل السرايا، الذي قد يجرف كله ليقام مكانه مجمّع تجاري كبير، وذلك بعد إيجاد الحلول للعقبات التي تواجه البلدية لجهة المالكين والمستأجرين وأصحاب المحال التجارية».
وفي معلومات خاصة بـ«الأخبار»، فإن مشروع ترميم سرايا بعلبك الحكومية لن تنطلق أعماله قريباً، فقد تبيّن أن الدراسة التي شرع بها والمموّلة من قبل مكتب التعاون الإيطالي، ستستمر حتى نهاية شهر آذار المقبل، على أن تطلق بعدها مناقصة عمومية بحسب شروط الوزارة المعنية، وهو ما سيتطلب، بحسب مصدر مسؤول ومطلع، مدة ستة أشهر تبدأ من فترة الإعلان عن المناقصة وتقديم العروض من الشركات وفضّها، فضلاً عن الالتزام وتحديد موعد لانطلاق العمل. هذا في ما خص المرحلة التحضيرية، أما التنفيذ فسيتطلب مدة سنة ونصف السنة، خصوصاً أنها ستطول السرايا من الداخل والخارج، بالإضافة إلى مشكلة ستواجه أعمال الترميم، وتتمثل بتهجير الإدارات الرسمية الموجودة في مبنى السرايا والأماكن التي ستنتقل إليها. ويشدّد المصدر على أن «الإشكالية الأكبر تتعلق بالمكان البديل الذي سينتقل إليه سجن بعلبك وسجناؤه»، وأن هذا الأمر يشكل «عائقاً فعلياً يستدعي تحركاً سريعاً من وزارة الداخلية لاحتوائه، إذ ينبغي تأمين وتجهيز المكان البديل الذي يستحسن أن يكون دائماً، والترجيحات تشير إلى ثكنة محمد مكي لقوى الأمن الداخلي الكائنة بالقرب من مخيم الجليل».
وإلى حين الشروع في أعمال الترميم، وما سينجم عنها من تهجير سيطول الإدارات الرسمية في مبنى السرايا، يرجّح معنيون أن تنتقل دائرة نفوس بعلبك قريباً من الطابق الأول في السرايا إلى الأرضي منها، الأمر الذي سيسبّب معاناة لبعض أصحاب المعاملات لجهة أن بعض البيانات الخاصة بهم، كتبها الموظفون على جدران غرف الدائرة، فحبذا لو يجري استنساخها قبل الانتقال أو البدء بأعمال الترميم!