رأسمسقا الكورانية يطوقها التلوث.. في انتظار تنفيذ المشاريع البيئية
صحيفة السفير ـ
فاديا دعبول:
يطوّق بلدة راسمسقا الكورانية حزام من التلوث البيئي يكاد يخنقها. ويصعب على المجلس البلدي رغم مساعيه الجادة التخلص منه، كونه يفوق بضخامته قدرتها وإمكانياتها المتوفرة، ما يستدعي تدخل الوزارات المعنية للحد من الاخطار التي تهدد البلدة على مساحة تقارب الألف ومئة هكتار، عدا التلوث الذي يجتاح البحر عند بوابتها لجهة المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس.
ويعتبر وادي هاب الذي يمر في بلدة رأسمسقا البؤرة الكبرى لهذا التلوث، كونه المجرى الرئيسي للمياه المبتذلة المنسابة من بلدات وقرى الكورة، لا سيما بطرام وعابا، التي تفتقد لشبكة للصرف الصحي، إضافة إلى أن بلدة راسمسقا تحتوي على مجمعات سكنية كبيرة يفوق عددها الثمانية تجري مياهها المبتذلة، مباشرة في الوادي في ظل غياب شبكة داخلية أيضا للبلدة، عدا الصهاريج التي تفرغ حمولتها من مخلفات بعض الجور الصحية في الوادي عينه.
تلك الأزمة التي تعيشها البلدة منذ سنوات طويلة، إن من حيث الروائح الكريهة أو انتشار الحشرات والبعوض وتكاثر الأمراض، لم يكتب لها الخلاص، أسوة ببعض البلدات التي يشملها مشروع الصرف الصحي الذي تنفذ أعماله حالياً في قسم من القضاء، لتتنفس الصعداء وتأمل خيرا ما يجعل الأهالي يتذمرون وتعلو صرختهم جراء معاناتهم التي لم تعد تحتمل.
وتعمل بلدية رأسمسقا على تدارك الأخطار البيئية والتخفيف من آثار التلوث فتقوم بمكافحة الحشرات خاصة منها البعوض طيلة الفترة الواقعة بين شهر أيار وشهر تشرين الثاني من كل سنة في الأودية وبين المنازل، عبر رش المبيدات والمازوت والزيت المحروق. وتصل كلفة الحملة إلى سبعة ملايين ليرة في الشهر الواحد، بما فيه ثمن الأدوية ومعدات ووسائل الرش، وفق رئيس المجلس البلدي جورج القاري، متمنيا «الاستغناء عن دفع تلك الأعباء المالية التي يتكبدها شهرياً لمكافحة الحشرات والتلوث عند وضع الوزارة المعنية دراسة متكاملة لحلّ مشكلة المياه المبتذلة في المنطقة، تتضمن مدّ شبكات لها ووصلها بمحطة للتكرير نموذجية تراعي الشروط الصحية السليمة وترفع الاخطار البيئة».
ويذكر أن غالبية المنتجعات البحرية المنتشرة على شاطئ البحر عند راسمسقا وجوارها، تملك محطات لتكرير مياهها المبتذلة، لكن لا يتم استخدامها، وذلك من باب الاقتصاد والتوفير في الإنفاق، فتجري مياهها في البحر من دون حسيب أو رقيب باستثناء البعض منها، ما يتسبب في تلوث مياه البحر وإلحاق الضرر بالحياة البحرية، الأمر الذي يستدعي تدخل وزارتي البيئة والصحة للتثبت من حقيقة الامر واتخاذ الاجراءات الضرورية اللازمة.
وتبرز في راسمسقا أيضا مشكلة التخلص من النفايات، أسوة بسائر البلدات الكورانية لغياب مطمر صحي عام لها، ما يرتب عبئا إضافيا على المجلس البلدي الذي يتكبد مصاريف باهظة للتخلص منها عن طريق جمعها يوميا، ونقلها إلى محلة عدرة في قضاء الضنية، وتبلغ كلفتها الشهرية ثلاثة عشر مليونا وخمسمئة ألف ليرة تقريبا، وذلك على حساب مشاريع إنمائية حري بالبلدة وأهلها التنعم بها. ويقول المواطن جورج فضول «لأننا مسالمون ستبــــقى معاناتنا مع البيئة عنوانا عريضا لأمد طويل».
وبعد المراجعات علمت «السفير»، بما يتعلق بمشروع مد شبكات الصرف الصحي في راسمسقا أن الدراسة وضعت، إنما التلزيم لم يتم حتى الآن، بانتظار انتهاء أعمال المرحلة الثانية من المشروع. أما في ما يتعلق بالتخلص من النفايات، فإن بلدة راسمسقا غير منضوية في «اتحاد بلديات الكورة»، لتستفيد من المشروع المزمع تنفيذه من قبله بالتعاون مع البلديات، لذلك تبقى مشكلتها عالقة مع الوزارات المختصة، لأنها في حالة عجز مالية تمنعها من أخذ مشروع البلدة على عاتقها بمفردها.