تبادل اتهامات في بلدية ذوق مصبح عن فساد وكيدية سياسية
صحيفة السفير ـ
مايا أبو صليبي خشان:
تتركز الأضواء في الفترة الحالية على منطقة ذوق مصبح الكسروانية، وبالتحديد على رئيس بلديتها شربل مرعب، الذي بات صاحب شهرة واسعة، بفضل «قراراته الإنمائية السليمة»، بحسب البعض، و«الاستنسابية التعسفية» بحسب البعض الآخر. ويسري كلام كثير عن بلدية «شبه منقسمة»، بسبب قرارات رئيسها، وعن اجتماعات يتداعى إليها للوصول إلى خير الأمور وأوسطها.
بعد عام على توليها العمل البلدي، بدأت البلدية بتعبيد بعض الشوارع، واعدة باستكمال شبكة المجاري، وتنظيم حركة السير وعمل المولدات الكهربائية، كما أضاءت الشوارع، وأعلنت عن مركز للشؤون الاجتماعية فيها. ويؤكد مصدر بلدي في البلدة لـ«السفير» أن «حجم المشاريع في ذوق مصبح، البلدة الكبيرة بإمكانياتها وميزانيتها، خجول أمام كل تلك الميزانية والإمكانيات»، معتبراً «أن رئيس البلدية رجل طيب، ونظيف من حيث المال ولا يسرق، لكنه محاط بمن يستغلونه، ويدخلون في بازارات، ويسرقون بطريقة من الطرق، ما سيغرقه معهم». ويلفت المصدر إلى وجود «أعضاء دخلوا البلدية للاستفادة الشخصية، وليس للمنفعة العامة أو لتنفيذ المشاريع، وهؤلاء يطرحون بعض الأفكار على الرئيس، ويطلبون منه خدمات يتبين في ما بعد أنها غير قانونية». ويعطي المصدر البلدي مثلاً على بعض التجاوزات «ما يحصل في قصة الاعلانات في ذوق مصبح، البلدة تحتل المرتبة الأولى اعلانيا». اراد الرئيس تكثيف الاعلانات وزيادة عائداتها بهدف دعم الاستشفاء والتعليم، و«هذا أمر جيد، علما أنه كان يمكن تنظيمها والحد من عشوائية التــوزيع التي تؤذي النظر، وتشوه بيئة المنطقة». أدخلت الاعلانات الملايين الى صندوق البلدية، بعدما تضاعفت الرسوم المفروضة عليها، «لكن ما يحصل»، وفق المصدر، «أنهم صاروا يتزاحمون على الاعلانات بعدما أصبحت الواسطة مع الرئيس تلعب دورها، وما يرتبط بها من أرباح، ووسطاء، وفساد بين أعضاء البلدية الذين يستخدمون البلدية مطية للمنافع الشخصية، والتي تصل إلى الملايين».
ويعرض المصدر قصة فساد أخرى تطال تأجير الأراضي، مشيراً إلى ما يسميه «فضيحة تأجير أرض للانماء والاعمار بمبلغ هائل، بعدما أفهموا الرئيس أنها أرض للبلدية، بينما لا تتجاوز حصة البلدية منها المترين فقط، وتعود ملكية المساحة الأكبر لشخص آخر، ولمجلس الانماء والاعمار». وقع الرئيس على ورقة سماح بتأجير كامل الأرض، فيما كان أحد أعضاء البلدية (واسمه معروف) «سمسار» العملية برمتها بعدما قبض 18 ألف دولار، على أن يزيد المبلغ بشكل تصاعدي سنويا. وأتى «السمسار» بشخص من أقارب رئيس البلدية، بصفته متعهداً، ليعبد الأرض بمبلغ 13 ألف دولار، لتصل كلفة المشروع إلى خمسين ألف دولار. بعد وقت قصير من «عقد الصفقة»، «علت صرخة» صاحب الأرض ومجلس الانماء والاعمار، فسارع معدو الصفقة إلى رد مبلغ المال لصاحبه بالإضافة إلى ألفي دولار، حتى لا يتقدم بشكوى ضدهم». ويشير المصدر إلى دور سلبي لأحد مستشاري رئيس البلدية «الذي يُدخله ومن حوله في مشاكل مع الناس، ويتولى عبر مكتب قانوني محسوب عليه تولي حلّها، وهو ما حصل في قصة جبالة الباطون للشيخ فريد الخازن، والدعوى التي أقيمت ضده في مجلس الشورى وكلفتها بالملايين ويتم صرفها من صندوق البلدية».
ويتوقع المصدر «ان يربح الخازن الدعوى، وان يستنزف الصراع البلد والضيعة والمدينة والشرطة والرأي العام، كما أنه تسبب بشبه انقسام في المجلس البلدي وبين أبناء البلدة، وذلك كله بسبب التسرع باستعمال وقراءة القانون». ويشير المصدر إلى ان رئيس البلدية ينتمي إلى تيار سياسي معارض للخازن مما يُفسّر بكيدية سياسية وتحويل العمل البلدي الى وسيلة للصراع السياسي «وهذا ليس مقبولاً ولا مفيداً لاحد».
ويشير المصدر البلدي إلى «خطورة قصة تخمين سعر الأراضي، فبعدما أدخل الرئيس أخاه الى جدول البلدية، وأوكل اليه كل أمور الري، وبما أن أخاه وعديله يعملان في التعهدات، صارت التخمينات التي تتقدم للحصول على الترخيص من البلدية، تستبقها بعض الجهات بالقول إنها تمون على رئيس البلدية لناحية التعديل في تخمين سعر الأرض، في مقابل إيلاء مهمة الحفر الى الأخ والعديل، مما يسبب خسارة الملايين لصندوق البلدية الى جانب المنفعة الشخصية، كون اسعار الأراضي أعلى بكثير في المنطقة». وسأل المصدر عن «ظاهــرة الفرقة الخاصة التي تحرس الريس وترافقه في المهمات الصعبة، بلباسها الأسود وعلى كتفها «ش.م» التي تختــصر شربل مرعب، بحجة أنها اختصار لشرطة مصبح، بينما المنطــقة تدعى ذوق مصبح. واعتبر المصــدر أنها «أكبر دلــيل على تسلط الرئيس، الذي، وبعد خمس سنوات من عهده، يمضي نصف وقته في المخافر، ومع رجال الأمن بدل الجلوس في مكتبه، والتخطيط للمشاريع الانمائية في المنطقة».
ورداً على كل تلك الاتهامات، يعتبر رئيس البلدية شربل مرعب «أن جبالة فريد الخازن هي أصل الاشكال، فبعد رفض الترخيص له في بلدة حراجل، وفي بلدته غوسطا أيضا، وفي أماكن أخرى عدة، يريد اليوم الانتقال الى منطقة أدونيس بعدما اشترى بحدود ألفي متر من الأرض في منطقة ممنوعة على جبالات «البيتون»، بسبب الضرر الكبير الذي تسببه على أهل المنطقة وطرقاتها». ويشير مرعب إلى أنه «وبعدما رفض المجلس البلدي بالأكثرية منحه رخصة للتشغيل، وليس بالاجماع، حيث فضل من هم على صداقة مع الخازن، عدم التصويت رغم اقتناعهم بقرار المجلس البلدي». وبعدما شرح كيفية بدء الخازن بتشغيل جبالته، أكد مرعب «أن البلدية ستربح الدعوى مئة في المئة، الا اذا طرأ أمر إلهي مثلا».
أما عن شرطة مصبح ووضع اول حرفين من إسمه على شارات افرادها، أوضح مرعب «أنه ما من مشكلة بها أبدا، وقد اختار شباب البلدية ارتداء الأسود كزي خاص بهم، كما قرر البعض وضع الـ«ش.م» كولاء لي، ربما خاصة أنني، ومنذ الرابع والعشرين من حزيران، مهدد ورأسي مطلوب بمليون دولار»، كما قال.
من جهة أخرى، أكد مرعب أن البلدية زادت الرسوم على الاعلانات ثلاث مرات لصالح صندوقها، ومن ثم دعمت بجزء منها مستوصف المنطقة الذي يقدم الدواء مجانا لأكثر من ثلاثمئة شخص، ولكنه اعترف بأنها توضع بشكل عشوائي في المنطقة، آملا التخفيف منها مع تطبيق القانون، مؤكداً أن حملة إزالة بعضها قد بدأت، «لكنني سرعان ما تلقيت اتصالا من الداخلية يطلب مني عدم ازالة أحد الإعلانات، لذلك فلتأت النظافة من فوق». ونفى مرعب أن تكون هناك أي استفادة جانبية، «فيما الهدر والاستفادات كانت قبل أن أتسلم الرئاسة، حين كانت الاعلانات تدخل أربعين مليون ليرة، ارتفعت اليوم إلى مليار ليرة في السنة». وفي ما يخص تأجير الأراضي عبر «غض النظر» أو بموجب «سماح»، أكد أن الأراضي التابعة للبلدية تؤجر مقابل هبة تدخل صندوق البلدية. وعن تلك الأرض التي أجرت وقيل إنها ملك خاص، أوضح أن المساح الذي مسح الأرض أخطأ في وضع العلامات وبفرق أربعة أمتار، «فأتينا بمساح آخر من الاتحاد، وصحح العلامات وانتهى الأمر». وسأل «اذا كان الأمر يخص مجلس الإنماء والإعمار، لماذا لم يتقدم بشكوى ضد البلدية؟».
وأكد مرعب أنه يزور مخفر الدرك من وقت لآخر، ولكن للتقدم بشكاوى ضد المعتدين عليه وعلى البلدية وشرطتها». ورداً على الاتهامات التي تطاله لجهة التلاعب بأسعار تخمين الأراضي لصالح أخيه وعديله، أوضح مرعب أن أخاه يعمل في نقل المياه، ولا علاقة له أو لعديله بأمور الأراضي والحفريات، لافتاً الى «أن هناك لجنة تتولى مهمة التخمين، ولا يمكن التلاعب بالأسعار أبدا». وأكد « أن تسعين في المئة من أهل ذوق مصبح يدعمونه في قراراته».