صحيفة البناء ـ
البقاع الأوسط ـ أحمد موسى:
المواطن يدفع الثمن، ونوّاب المنطقة في غيابٍ تام، يتلهّون بقشور السياسة، بعد أن حالفهم حظ «النُّمَر الزرقا»، وأبعدتهم مظاهر الفرح والابتهاج باعتلاء المنابر، وحكوماتٌ تعاقبت، فتغاضت، ووزارتٌ معنية، وزراؤها، سارت سياراتهم فوق زفتها، وهم بعيدون كلّ البعد من معاناتها وأهلها.
هذه هي حال طريق المرج ـ الفيضة ـ زحلة، التي تربط أوتوستراد الشام الدولي، بأوتوستراد زحلة ـ بعلبك الدولي، ومدينة زحلة عبر مدينتها الصناعية، وتمثل خطّ ربطٍ، ومقصداً لروّاد المنطقة وقاصديها وزائريها، من عربٍ وأجانب، إلى عابري نقطة الحدود (المصنع) البرّية بين جارين، لبنان وسورية.
«غنية بالحفر»، خلاصةٌ يخرج بها أيُّ سالك لهذه الطريق، فالحفر باتت عابرةً للمناطق، التي حفِظها السائقون عن ظهر قلب، أما من يسلكها حديثاً فستكون له بمثابة مصيدةٍ أكيدة.
«سيرة» الحفريات لا تكاد تغيب عن الطرق، حتى تعود بقوة مع كل حادث سير ينتهي بموتٍ عابر. حفرٌ لا تترك طريقاً واحدة في لبنان سالمة، خصوصاً في البقاع، لا بل في كل البقاع، حيث بين الحفرة و«أختها»، ثالثة «زيادة».
أما في البقاع الأوسط، فأقلّ ما يقال عن طريق «الفيضة» الممتدة من المرج حتى مدخل المدينة الصناعية في زحلة، إنها «طريق مخندقة»، لكثرة الحفر فيها. هناك، لا يهنأ السائق بالقيادة بضع عشراتٍ من الأمتار، من دون أن تسقط سيارته في حفرةٍ هنا، أو تصطدم بـ«ترقيعةٍ نافرة» هناك.
حسن
أ.حسن، سائق سيارة أجرة يعمل بين المصنع وزحلة، يشرح لـ«البناء»، حال الطريق ومخاطرها، فهو الذي سقط مراراً في الحفر، ولئن كان حسن قد حفظ مواقعها ، إلا أنّ أكثر ما يخيفه هي تلك المختبئة عند المنعطفات، أو تلك المنتشرة عند المنخفضات»، أما أسوأ ما قد يواجهه سائقو «التاكسي»على تلك الطريق، فهو وقوفهم أمام خيارين: إمّا السقوط في الحفرة وتحمّل أعباء إصلاح ما ينتج من أضرار، وإمّا تجنب السقوط فيها «بس بيفوت فيك حدا من ورا، كما حصل معي منذ 20 يوماً، وكلفني إصلاح الأعطال 500 دولار»، يقول حسن.
لا يأسف الرجل لكونه قد حفظ الحفر، بقدر ما يأسف لحال العابرين عليها لأول مرة من لبنانيين وعرب وأجانب، لأنها الطريق الوحيدة الأقصر التي تربط زحلة بغيرها من المناطق المجاورة، موجهاً عتباً إلى «المسؤولين ونواب المنطقة، الذين يسلكون هذه الطريق، وتسقط سياراتهم في تلك الحفر، ويشاهدونها من دون أن يحرّكوا ساكناً».
عبد المسيح
ج. عبدالمسيح، موظفٌ يذهب يومياً باكراً إلى وظيفته، وهو ملزَمٌ بذلك، وقال لـ«البناء»: «ماذا عسانا نشرح، والشرح لا يفيد عند مَن لا يستمعون إليك، فمن انتخبناهم على أساس التغيير في واقع حياتنا اليومية من النواحي الإنمائية، ليسوا أهلاً للثقة لأننا خدعنا بهم، ولا خوف، فـ«كلمة حقٍ في وجه سلطانٍ جائر» أهم من سيارة تحمل لوحةً زرقاء، تمرّ إلى جانب سيارةٍ صدمتها أخرى فأحدثت موتاً وجرحاً، وهم لا يبالون، وكأن شيئاً لم يكن، كما حصل مع أحد نواب زحلة وهو يسلك طريق الفيضة وتصادف مروره مع حادث سير وقع نتيجته قتلى وجرحى».
تجدّد الحفر
حال هذه الطريق لا يمكن أن تتميز بشيء إلاّ بكثرة الحفر وتجددها، حيث يتملّك سالكيها الخوف من مجرّد عبورها. دائماً الانطباع نفسه: «نخاف ألا نرجع إلى بيوتنا»، وهذه هي حال الكثيرين. أما السبب، فهو الانتشار الكثيف للحفر في وسط الطريق وعلى جانبيها. وعلى الرغم من أن البعض اعتادوا التعامل باحتراف مع تلك الحفر، وحفظوا أماكنها غيباً، فلا يمرُّ يومٌ من دون الوقوع في واحدة منها، خصوصاً عندما تضيع الحفر تحت زخات المطر، وتمتلئ بالمياه الموحلة، ولا يعود في استطاعة أحدٍ تحديد مكانها. ولا تخفى على القادمين من زحلة إلى برالياس وبالعكس، الحفرة الكبيرة التي تتوسط الطريق، وسط بلدة الفيضة، ولا شيء يشير إلى وجودها سوى العشب وتوقُّف السيارات المفاجئ، من دون أن يبادر أحدٌ إلى تأهيلها. وتمثّل هذه الحفرة قمة الإهمال، وغياب نواب زحلة عن إنماء المنطقة وتأهيل طرقها، بعدما مرّ على وجودها وقتٌ طويل من دون أن يحرِّك أحدٌ ساكناً، سوى في فترة الانتخابات النيابية حيث «الترقيع» من لون الزفت يشبع لونها الترابي. كل هذا، وتعتبر الطريق التي تمتد من طريق الشام الدولية (مفرق المرج) مروراً ببلدة الفيضة، وصولاً إلى المدينة الصناعية ـ زحلة على الأوتوستراد المؤدي إلى مدينة بعلبك و على مسافة 8 كيلومترات طريقاً رئيسية. وإذا كانت بلدية زحلة تعمل على تأهيل طرقات المدينة التي تمر وسطها وتعبيدها بالإسفلت، فإنّ هذه الطريق بقيت من دون تأهيل وتتآكلها الحفر.
الموضوع السابق
الموضوع التالي
تعليق 1
اترك رد
إلغاء الرد
شكرا لاستاذ احمد موسى …. دق المي … بتطلع المي %