صحيفة السفير ـ
يوسف الحاج علي:
استفز موضوع الاستمرار في إغلاق حرج بيروت الطالب الذي يتحدث بلكنة غربية وظل صامتاً طوال وقت المحاضرة، فتحدّث في نهايتها ليعبّر عن شعوره للمحاضر الذي استرسل في الحديث عن الحرج المقفل بوجه العامة، مشجعاً فكرة تكثيف الجهود من أجل العمل على افتتاحه.
ليس الشاب وحده من أثاره الموضوع. وقد تفاوتت آراء زملائه الذين جاؤوا ليشاركوا في المحاضرة المخصصة للحرج، بدعوة من قسم العلوم الطبيعية في الجامعة اللبنانية الأميركية في إطار محاضراته البيئية التي ينظمها، ومن بينها محاضرة الأمس التي أقيمت بالتعاون مع جمعية «نحن».
وتساءل بعضهم عن مدى إمكانية زيارة العائلات لتلك المساحة الخضراء في حال افتتاحها، وانتبه البعض الآخر لوجود تلك المساحة المنسية في المدينة، فيما تحمّس بعض ثالث لمشروع العمل على افتتاحها.
وتبلغ مساحة حرج بيروت نحو ثلاثمئة ألف متر مربع، ما يجعله الرئة الخضراء الأكبر مساحة في المدينة التي تبتلع صدور أهلها وسكانها وعيونهم، الإسمنت والتلوث المحيط بهم من كل جنب.
ولا يحق التنزه في الحرج إلا لمن تخطّى الخامسة والثلاثين من العمر، على أن يكون ذلك بموجب إذن خاص.
في المحاضرة، قدّم محمد أيوب من جمعية «نحن» نماذج عن أهمية حماية المواقع في المدن لاسيما التي تتصل بالتاريخ وبالانتماء. وبعدما قدّم قراءة اجتماعية وطائفية للمحيط الجغرافي والسكاني للحرج الأخضر، اعتبر أن اللعب «حاجة يومية وطريقة لإخراج مشكلاتنا»، متسائلا: «أين يلعب الأطفال اليوم؟»
وطرح أيوب الذي واكبت مقاربته الاجتماعية والسياسية والحضرية للموضوع عرضاً لصور على شاشة عملاقة تبيّن ضيق المساحات في المدينة واختناق ناسها وسط الجدران العالية والشعارات واللافتات السياسية التي تغطي رؤوسهم العديد من الأسئلة مثال: «ما الذي يجمع بين الناس؟ أين ساحات الرأي المشتركة؟ في أي ساحات تناقش سياسات البلدية؟ أين المساحات العامة التي تجمع المواطنين؟»، ليخلص إلى أن «المواطنة تبدأ ببناء علاقاتنا ببعضنا البعض».
ولفت إلى أنه يجب أن يتوافر شرطان لتصبح أي مساحة ملكاً عاماً وهي أن تكون المساحة ملكاً لهيئة عامة (الدولة أو البلدية) وأن تكون مخصصة للاستخدام العام. وبما أن الشرطين يتوافران في حرج بيروت «فإن أي قرار بإغلاقه هو غير قانوني».
ورأى أيوب أن موضوع المساحات العامة «غير موجود في مفهومنا»، جازماً بأن الفرد عندما يخسر مساحاته الخاصة التي يتمكن من التعبير من خلالها، إلى جانب عوامل أخرى، تصبح تصرفاته أكثر عنفاً ويلجأ إلى آفات مثل المخدرات.
أما عن موقف بلدية بيروت التي ترفض افتتاح الحرج أمام العامة بذريعة عدم قدرتها على إطفائه في حال تعرضه للحريق، بحسب ما نقل أيوب عنها، فأكد هذا الأخير أنه ضمن حرج بيروت توجد آبار ارتوازية يمكن الاستفادة منها لربطها بنظام إطفاء معين.
ووزعت خلال المحاضرة كتيبات أعدتها «نحن» تتضمن المبررات والخلفيات القانونية والصحية النفسية والاجتماعية الثقافية لافتتاح وتفعيل الحرج، وآليات إدارته واستخدامه بما يشمل ذلك من إجراءات تنظيمية ولوجستية وأمنية وسلامة ونظافة وصيانة.
إشارة إلى أن رئيس بلدية بيروت بلال حمد كان قد أعلن مؤخراً عن «تشكيل لجنة في شهر آب المقبل تتألف من أعضاء المجلس البلدي بالاستعانة مع الجمعيات البيئية من أجل البحث بالوسائل الناجعة لجعل حرج بيروت منطقة مفتوحة للعموم، وحمايتها من سوء الاستعمال» خلال لقائه وفداً من الجمعيات البيئية المعنية بالموضوع، من بينها جمعية «نحن».
وتعرّف «نحن» عن نفسها على أنها مؤسسة شبابية غير طائفية وغير حزبية تسعى إلى توفير مساحة للشباب اللبناني للانخراط في الأنشطة التي تعزز التنمية الذاتية والتواصل مع الآخر.
الموضوع السابق
الموضوع التالي