صحيفة الجمهورية ـ
علي داود:
في ظلّ أزمة النفايات التي تضرب مناطق الجنوب ولا تجد حلا لها، وحدها بلدة كفرصير تخلّصت من هذا العبء واستطاعت تأمين معمل لفرز النفايات وتخميرها الذي بدأ العمل به العام 2000 بدعم من جمعية الشبّان المسيحية، ليشكّل أول تجربة فريدة في لبنان والشرق الاوسط، إذ يقوم بتحويل بقايا المواد العضوية الى “كومبوست”.
اليوم، بات هذا المعمل تجربة نموذجية ينبغي تعميمها للتخلّص من أزمة تصريف النفايات في القرى والبلدات الجنوبية التي تعاني وطأة تكدّس أكوام النفايات في الحاويات والشوارع، حيث بات المنظر غير مألوف، ولا يبدو أن هناك حَلا في الأفق، فيما المواطنون يعانون وصرخاتهم لا تجد آذانا صاغية ولا مَن يسأل عن سلامة أطفالهم وصحتهم وبيئتهم ورياح الصيف مُشبعة بالروائح الكريهة…
يحتوي مخمَر النفايات في كفرصير على مجموعة معدات، أهمها برميل للتسبيخ دائم الدوران (عدد 2) سعة 5 طن يوميا للبرميل الواحد، آلات لقياس الحرارة، غربال دائري لفرز النفايات، أدوات كهربائية متفرقة، مكبس يستعمل للبلاستيك والورق، ميزان كبير (قبّان)، فرامة، آلية صغيرة من نوع (بوب كات) للمساعدة في نقل النفايات، و”هنغار” كبير يحمي هذه المعدات من الحرارة والشمس والأمطار، إضافة الى مولّد كهربائي وغرفة جانبية تمثل إدارة المخمر.
يتم تشغيل المخمر بشكل طبيعي، اذ تصل اليه يوميا عربتا نفايات من البلدة بمعدل (4 – 6 طن)، وتزداد هذه الكمية الى 8 طن خلال فصل الصيف، فيقوم سبعة عمّال بفتح الأكياس ومن ثم فرز النفايات، فتذهب كل المواد العضوية الى برميلي التسبيخ حيث تبدأ عملية الدوران، ويُعمد الى فرز المواد الباقية كل على حدة، البلاستيك والاوراق والكرتون والتنك والزجاج والالمينيوم والحديد وأكياس النايلون والبطاريات… ولا يبقى من النفايات إلا النسبة القليلة من المواد التي لا تعالج، وهذه النسبة لا تتجاوز 2 في المئة من كمية النفايات، ويجري حاليا البحث عن وسائل لمعالجة هذه الكميات الباقية كي لا تعالج بالطرق التقليدية.
“الجمهورية التقت رئيس البلدية الحاج عفيف قميحة الذي اعتبر أن موضوع نجاح المخمر يعكس مدى نجاح البلدة في تذليل كل العقبات من أجل الوصول الى بلدة نموذجية، آملا في تفعيل عملية الفرز من المصدر من قبل أبناء المجتمع المَحلي، ما يساهم في تخفيف الكلفة وتحسين نوعية الكومبوست المنتج.
وطلب الحاج قميحة من اتحاد بلديات الشقيف والبلديات في منطقة النبطية تعميم تجربة بلدية كفرصير في إنشاء معمل لفرز النفايات، بغية التخلص من أزمة النفايات التي تعانيها بلدات المنطقة منذ 4 أشهر، مشيرا إلى أنّ المعمل لفرز النفايات هو الحَلّ الأمثل لتصريف النفايات، وأن التفتيش عن مَكب لتصريف النفايات من بلدات المنطقة هو حلّ آنِيّ وليس جذريا.
ولفت إلى أنّ معمل فرز النفايات يتضمن المواصفات البيئية، وهو نموذج يجب تعميمه، خصوصا في ظلّ استمرار أزمة النفايات في الجنوب والنبطية، “إذ لا يجوز أن تبقى النفايات في شوارع النبطية أكواما يَصل ارتفاعها إلى 4 أمتار”.
وأشار إلى أنّ معمل فرز النفايات في كفرصير تديره البلدية، وهو بدأ العمل في العام 2000 بعد ما بلغت تكلفته 500 ألف دولار بتحويل من جمعية الشبّان المسيحية ودعمها، ويستوعب يوميا 10 أطنان من نفايات البلدة التي تنتج كلّ يوم أقل أو أكثر من ذلك بقليل، لافتا الى أن البلدية تتولى بيع المواد المفرزة من سماد أو زجاج أو نايلون أو بلاستيك، وهذا يساهم في سَد جزء من عملية التمويل السنوي لتشغيل المعمل ومعالجته، والتي تصل إلى 82 مليون ليرة لبنانية. “وهذا المبلغ، مع ثمن إنشاء المعمل، تستطيع أي بلدية توفيره لحلّ أزمة نفاياتها المتفاقمة، وإذا لم تتمكن بلدية واحدة من تأمين هذا المبلغ لإقامة معمل لفرز النفايات على أرضها، فلتقُم كل بلديتين أو ثلاثة متجاورة بإنشاء معمل مشترك، لأنه يساعد على الحل، ويحوّل المنطقة إلى نموذجية بيئيا وصحيا، كما حوّلنا بلدتنا كفرصير إلى بلدة نموذجية فريدة من نوعها بالتعاون مع جمعية الشبّان المسيحية”. أضاف انّ المعمل تضرّر في عدوان إسرائيل في تموز 2006، إلا أنّ البلدية قامت بإعادة ترميمه وتأهيله وتشغيله، لأنه يساعد في حلّ أزمة نفايات البلدة.