نهب البلديات مستمر
مشروع مرسوم يقتطع أكلاف النظافة من الديون المتراكمة على الاتصالات
منذ عام 1994، جرى شفط نحو 2000 مليار ليرة من حصة البلديات من الضريبة على الهاتف الخلوي الى الموازنة العامّة. عدّ الأمر «سرقة موصوفة»، وهي جريمة مالية يعاقب عليها القانون. وزير الاتصالات الحالي بطرس حرب قرر أن يواصل هذه «الجريمة». أقر بحقوق البلديات للفترة من 1/1/2010 لغاية 31/5/2014، وقدّر قيمتها بنحو 667 مليار ليرة فقط. حوّل هذه الأموال الى الصندوق البلدي المستقل، بدلاً من توزيعها على البلديات مباشرة، ليتبين أن الهدف «شفطها» مجدداً، وذلك عبر مشروع مرسوم رفضه العونيون ينص على اقتطاع القسم الأكبر من الأموال المعترف بها لتسديد كلفة النظافة المتراكمة، والتي قدّرها وزير المال علي حسن خليل بنحو 2660 مليار ليرة… بمعنى ما، يقولون: باي باي لأموال البلديات
في تقريره الى مجلس الوزراء، في 2/9/2014، حول وضع المالية العامة، كشف وزير المال علي حسن خليل أن تحميل «الصندوق البلدي المستقل» نفقات النظافة لدى اتحادات البلديات، أدّى الى «زيادة الأعباء المحملة على الصندوق من دون أن يتسنى لهذا الأخير استرداد أمواله من حصص الاتحادات عند الاقتطاع، وهذا ما أدى الى نقص في موارد البلديات، تجاوز (في حينه) 2400 مليار ليرة، وهو مستمر في الارتفاع بشكل يهدد وضع المالية العامّة».
بالفعل، استمرت الديون المترتبة على البلديات للخزينة العامّة بالارتفاع في الشهرين الماضيين، ووصلت الى نحو 2660 مليار ليرة، بحسب ما أدلى به وزير المال لـ»الأخبار»، أمس، في سياق الاستفسار عن مصير حقوق البلديات من إيرادات الهاتف الخلوي «الضائعة» في «غياهب» الحسابات المالية، التي جرى التلاعب بها وتزويرها لدى وزارتي الاتصالات والمال منذ عام 1994، أي عندما مُنحت شركتا «سيليس» و»ليبانسل» عقدي BOT لإنشاء وتشغيل وإدارة الهاتف الخلوي، ولاحقاً إبرام عقود شركات «سوكلين» وأخواتها لجمع النفايات ومعالجتها!
وقبل ذلك قيام وزارة المال بتصفير الحسابات في عام 1993 وإنشاء موازنات رديفة بحجج مختلفة خارج ما ينص عليه الدستور وقانون المحاسبة العمومية (في عهد رئيس الحكومة الراحل، وزير المال، رفيق الحريري ووزير الدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة، قبل أن يصير وزيراً أصيلاً ومن ثم رئيساً للحكومة بعد اغتيال الحريري).
بمعنى ما، يقرّ الوزير علي حسن خليل بحصول «جريمة» يُعاقب عليها القانون، وإن كان لا يستخدم هذا المصطلح بالذات، إلا أنه يشير الى وقوعها بالفعل، وهي لا تقتصر على مخالفة كل القوانين ومصادرة صلاحيات البلديات (بإبرام عقود النفايات مع شركات خاصة بأعلى الأكلاف نيابة عنها وغصباً عنها)، وبالتالي شفط مبالغ طائلة من حساب البلديات ووظائفها الكثيرة الى حساب هذه الشركات وأرباحها الريعية الطائلة وتوزيعاتها السياسية المكشوفة، بل أيضاً مراكمة ديون هائلة على هذه البلديات تتخطى إيرادات الكثير منها (ولا سيما الصغيرة)، وسرقة حصة البلديات من إيرادات الهاتف الخلوي وتحويلها من وزارة الاتصالات الى وزارة المال بوصفها إيرادات للموازنة العامّة وليس للبلديات، وهو ما بدا لاحقاً عملاً ممنهجاً يهدف الى تعطيش البلديات لتدجينها أولاً ووضعها تحت سيطرة قوى الأمر الواقع. وثانياً، بهدف تجميل حسابات الدولة وإظهار العجز المالي بأقل من قيمته الحقيقية، وتخفيض الدين العام وهمياً عبر مراكمة مستحقات مالية من دون تسجيلها في الموازنة كديون مستحقة لأصحابها.
مقاصة تستكمل عملية السطو
ما كشفه وزير المال يعني أن هناك من يحاول أن يفرض معادلة «وقحة» ترمي الى طمس معالم «الجريمة»، عبر السعي الى إجراء مقاصة تبيّن أن قيمة الديون المتراكمة على البلديات نتيجة عقود النفايات تتجاوز قيمة الديون المتراكمة للبلديات على وزارة الاتصالات من جراء الامتناع عن تحويل حصصها من الهاتف الخلوي. إلا أن الوزير خليل يجزم بأنه ليس طرفاً في هذه المحاولة، فهو يريد في النهاية أن يحفظ حقوق البلديات والخزينة العامّة معاً، وبالتالي ينوي إجراء المزيد من التدقيق المحاسبي لمعرفة كيفية تراكم هذه المبالغ، ولا سيما أنه لم يجد في وزارة المال أي حساب يسجل حصص البلديات من إيرادات الخلوي، باعتبار أن وزارة الاتصالات كانت تحوّل كل المبالغ كإيرادات للموازنة من دون أي ذكر لحصص البلديات. المعروف أن حصص البلديات من إيرادات الهاتف (الثابت كما الخلوي) يجب أن تحوّل مباشرة بمرسوم من وزارتي الداخلية والاتصالات الى حسابات البلديات من دون المرور بالصندوق البلدي المستقل الموضوع في عهدة وزارة المال، والذي تُجمع فيه حصص البلديات من الضرائب والرسوم التي تجبيها وزارة المال والوزارات الأخرى التي لا تمتلك موازنات ملحقة مستقلة على غرار وزارة الاتصالات.
هذا الواقع لم يتم اكتشافه الآن، بل إن وزراء الاتصالات «العونيين» الذين تعاقبوا على الوزارة (جبران باسيل، شربل نحاس ونقولا صحناوي) أثاروه بطرق مختلفة، وعمد الوزير نحاس (في ذروة نزاعاته مع فريق سعد الحريري في ظل الحكومة التي ترأسها)، الى تجميد مبالغ وصلت قيمتها الى 1.2 مليار دولار لتسديد ديون البلديات على الوزارة منذ عام 1994. المشكلة التي واجهت نحّاس يومها ومنعته من توزيع هذه المبالغ، هي المشكلة نفسها التي تذرّع بها الوزراء السابقون للسطو على أموال البلديات واستعمالها في الموازنة العامّة، من دون نص قانوني، إذ امتنعت الحكومات المتعاقبة منذ ذاك الحين عن إقرار مرسوم ينظم كيفية احتساب حصص البلديات من إيرادات الخلوي، فالنص الموجود ينطبق على الهاتف الثابت، حيث يمكن احتساب الاشتراكات ضمن النطاق الجغرافي لكل بلدية، وهو غير ممكن في مجال الهاتف الخلوي، حيث الاشتراك غير محدد بنطاق جغرافي. وقد تقاعست حكومة سعد الحريري، ولاحقاً حكومة نجيب ميقاتي، عن طرح مثل هذا المرسوم وإقراره لإبقاء عملية النهب متواصلة. كما رفضت الحكومتان مناقشة مشروعي قانونين أعدهما نحاس ولاحقاً الوزير نقولا صحناوي يرميان الى إنشاء مصرف أو مؤسسة للإنماء البلدي يتم الاكتتاب في رأسمالها من مستحقات البلديات من إيرادات الهاتف الخلوي، على أن يتولى (المصرف أو المؤسسة) تمويل مشاريع حيوية مشتركة بين البلديات، كمشاريع الصرف الصحي والتشجير وتحسين الخدمات والبنى التحتية… الخ.
أين الأموال المجمّدة؟
بقي الوضع على حاله حتى هذه الحكومة، إذ تولى وزارة الاتصالات بطرس حرب. وسرعان ما تم تحرير المبالغ المجمّدة لصالح البلديات، وزعم حرب أنه لا يمتلك أي معلومات عن مستحقات البلديات من إيرادات الهاتف الخلوي إلا للفترة من 1/1/2010 لغاية 31/5/2014، وقدّر قيمتها بنحو 667 مليار ليرة فقط لا غير. ليس هذا فحسب، بل عمد بشكل مستغرب الى تحويل هذا المبلغ الى الصندوق البلدي المستقل (وهو إجراء مخالف للقانون)، في حين حوّل بقية المبالغ المجمّدة كإيرادات للموازنة العامّة، على غرار ما كان يحصل دائماً قبل تولي نحاس وصحناوي وزارة الاتصالات.
يوضح الوزير علي حسن خليل أن هذا الإجراء استدعى دخوله على الخط، وفرض عليه البحث في كيفية توزيع هذه المبالغ، في ظل غياب أي نص يوضح الآليات والحصص. يقول إن وزير الداخلية نهاد المشنوق أعدّ مشروع مرسوم لتوزيع مبلغ الـ 667 مليار ليرة المعترف به للفترة من 1/1/2010 لغاية 31/5/2014 فقط، ويرمي المشروع، الذي كان يفترض أن يوضع بمشاركة وزير الاتصالات، الى تخصيص نسبة 10% من المبلغ المحوّل لاتحادات البلديات، أي ما مجموعه 66.7 مليار ليرة، توزع على أساس عدد السكان المسجلين في نطاق بلديات الاتحاد. في حين توزّع نسبة 90%، أي نحو 600.3 مليار ليرة، على البلديات وفقاً للآتي: 80%، أي نحو 480.2 مليار ليرة، توزع على أساس عدد السكان المسجلين في نطاق كل بلدية. و20%، أي نحو 120 مليار ليرة، توزع على أساس توزيعات الرسوم على الهاتف الثابت لكل بلدية خلال عام 2013.
المفاجأة أن مشروع المرسوم نص على اقتطاع جزء من تكاليف النظافة المدفوعة من حساب الصندوق البلدي المستقل عن البلديات واتحادات البلديات المستفيدة من خدمات النظافة، بنسبة 50% من حصص الاتحادات المستفيدة. وبنسبة 60% (كحد أقصى) من حصص البلديات التي تقل عائداتها عن مليار ليرة، على أن لا يقل الاقتطاع عن نسبة 20%. وبنسبة 90% (كحد أقصى) من حصص البلديات المستفيدة من خدمات النظافة التي تتجاوز عائداتها المليار ليرة، على أن لا يقل الاقتطاع عن نسبة 60%. بمعنى أوضح، لن يبقى للبلديات شيء يذكر في حال مرور هذا المشروع، علماً بأن بلديات قليلة، ولا سيما بلدية بيروت، تمتلك موارد مهمة وتحتفظ بودائع وسندات خزينة تصل في حالة بلدية بيروت الى اكثر من مليار دولار، وهذا موضوع آخر يندرج في خانة الخوف من مزراب فساد البلديات نفسها.
حوّلت وزارة الاتصالات
667 مليار ليرة فقط إلى
وزارة المال لتوزيعها
على البلديات
عمدت وزارة الاتصالات
أخيراً إلى تحويل قسم كبير من أموال البلديات على أنها إيرادات للموازنة العامة
يغسل الوزير علي حسن خليل يديه من هذا المرسوم. يقول إنه وقّع عليه مع الوزير المشنوق، إلا أنه اشترط عرضه على مجلس الوزراء (لا يحتاج مرسوم توزيع عائدات البلديات الى ذلك في العادة)، إلا أن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لم يعرض هذا المشروع على جدول أعمال أي جلسة، بل تم اتباع الطريق العسكري، إذ عمد الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي الى توزيعه على الوزراء للتوقيع عليه كي يصبح نافذاً من دون أي نقاش. وهذا ما دفع وزراء التيار الوطني الحر إلى الامتناع عن التوقيع وإعداد مذكرة اعتراض على المشروع وتوجيهها الى مجلس الوزراء، وقد وقّع على هذه المذكرة وزير الخارجية جبران باسيل.
العونيون يعترضون
ما جاء في مذكرة باسيل يتضمن شرحاً وافياً لأصل المشكلة ومسارها، وهو يحشر بقية الأطراف في مجلس الوزراء لما تنطوي عليه من توصيف للجريمة المرتكبة، ولا سيما لجهة:
1 ــــ إن الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخلوية هي دين متوجب بذمة وزارة الاتصالات لصالح البلديات، وذلك عملاً بأحكام القانون رقم 379 تاريخ 24/1/2001 (قانون الضريبة على القيمة المضافة) ولا سيما المادة 55 فقرة 2 منه التي ألغت الرسوم البلدية المفروضة بموجب المواد 96 و97 و98 من القانون رقم 60/88 تاريخ 12/8/1988 على استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية واستبدلتها بالضريبة على القيمة المضافة التي تحصل لصالح البلدية التي يقع ضمن نطاقها الاشتراكات.
2 ـــ أوجب القانون المذكور على الإدارة المختصة فرض الضريبة على المشتركين واستيفائها منهم، وأن تؤدي حاصلها بعد حسم الضريبة المدفوعة على مشترياتها مرة كل ثلاثة أشهر إلى كل بلدية معنية، بنسبة حصتها من الاشتراكات، أو إلى الصندوق البلدي المستقل في ما يعود للاشتراكات الواقعة خارج النطاق البلدي. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النص شبيه بنص المادة 96 من القانون رقم 60/88، ما يعني أن الرسم البلدي الذي كان معمولاً به قبل دخول الخلوي حيّز العمل عام 1994 ولغاية 2001، يخضع لنفس النظام القانوني الذي تخضع له الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الخلوي الذي دخل حيز التطبيق عام 2001.
3 ـــ وبالتالي، فإن الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات السلكية واللاسلكية (كما الرسم البلدي لغاية 2001) هي حقوق تعود للبلديات، تستوفيها وزارة الاتصالات التي تسددها إلى كل بلدية معنية، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات السلكية، التي تسددها وزارة الاتصالات مرة كل ثلاثة أشهر لكل بلدية من بلديات لبنان.
4 ـــ إن خصوصية الاتصالات اللاسلكية والتلكؤ السياسي أديّا إلى التأخير في تطبيق القانون، إلا أن ذلك لا يعني أبداً أن حقوق البلديات انتفت، أو أن موجب وزارة الاتصالات في استيفائها قد انعدم، وهذا ما حمل وزراء الاتصالات السابقين على تكوين المبالغ المتوجبة بذمة وزارة الاتصالات لصالح البلديات، وذلك لأن للوزارة المذكورة موازنة ملحقة، ما يوجب عليها تسديد الديون المترتبة بذمتها أولاً قبل تحويل رصيد الإيرادات إلى الموازنة العامة، وذلك عملاً بأحكام المادة 44 من المرسوم الاشتراعي رقم 127 تاريخ 12/6/1959.
بلدية بيروت وحدها تمتلك اموالا فائضة تصل الى مليار دولار (مروان بو حيدر)
5 ـــ وهذا ما دفع مجلس الوزراء السابق إلى اتخاذ القرار 52 تاريخ 9/1/2013 من أجل توزيع مجموع الأموال المتوفرة في وزارة الاتصالات والتي تمثل الرسوم البلدية على استهلاك الخلوي (منذ 1994 لغاية 2001) والضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الخلوي (منذ 2001 ولغاية 31/12/2012)، وذلك على قاعدة 80% منها على أساس عدد السكان المسجلين في كل بلدية، و20% على أساس عدد السكان الفعليين (أي على أساس كيفية توزيع رسوم الهاتف الثابت).
6 ـــ إلا أنه خلافاً للأحكام القانونية المرعية الإجراء، عمدت وزارة الاتصالات أخيراً إلى تحويل قسم كبير من الأموال المتراكمة والعائدة للبلديات على أنها إيرادات للموازنة العامة، وقد قامت في عملية واحدة بتحويل مبلغ 1000 مليار ليرة من هذه الأموال المتراكمة كإيرادات للموازنة العامة، ما يشكل مسّاً بحقوق البلديات، وتفريطاً بأموال مودعة أمانة لدى وزارة الاتصالات، إذ إن هذه الأموال تعود للبلديات، وهذا ما يمثل بطبيعة الحال مخالفة قانونية جسيمة وتعدياً على حقوق البلديات.
7 ــــ عمدت وزارة الاتصالات إلى تحويل نحو 667 مليار ليرة لبنانية فقط إلى وزارة المال لتوزيعها على البلديات، وهي تمثل مجموع الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الهاتف الخلوي منذ 1/1/2010 لغاية 31/5/2014، مع العلم بأن هذه الأموال هي دين متوجب بذمة وزارة الاتصالات لصالح البلديات، وذلك عملاً بالنصوص القانونية المشار إليها أعلاه، ما يحتم توزيعها من قبل وزارة الاتصالات كل ثلاثة أشهر، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات السلكية، وبالتالي فإن توزيعها من قبل وزارة المال مخالف للقانون.
عيوب كثيرة في المشروع
8 ـــ أما ما اعتمده مشروع المرسوم من آلية من أجل توزيع الأموال على البلديات فتشوبه عيوب كثيرة، وهي:
أ ـــ خصص مشروع المرسوم 10% من الأموال لصالح اتحادات البلديات، في حين أن قانون الضريبة على القيمة المضافة لم ينص على أي حقوق لاتحادات البلديات في الضريبة على استهلاك الاتصالات الخلوية، ما يشكل مخالفة قانونية جسيمة.
ب ـــ لم يحدد مشروع المرسوم السند القانوني الذي أجيز بموجبه اقتطاع أموال من حصص البلديات أو الاتحادات المستفيدة من خدمات النظافة من حساب الصندوق البلدي المستقل، مع الإشارة إلى أن الاستناد إلى نص المادة 64 من قانون موازنة 2001، يمثل خطأ جسيماً، إذ إن هذا النص لم تعد له مفاعيل قانونية، عملاً بالقاعدة الدستورية أن الموازنة سنوية، كما أن نص المادة 64 المذكورة يتعلق باقتطاع نفقات النظافة من حصة البلديات في الصندوق البلدي المستقل، وليس اقتطاع نفقات النظافة من عائدات البلديات.
ج ـــ حدد المرسوم رقم 1917 تاريخ 6/4/1979 (تحديد أصول وقواعد تنظيم أموال الصندوق البلدي المستقل) مصادر تمويل الصندوق البلدي المستقل، وهي الرسوم التي تستوفيها الدولة والشركات لحساب جميع البلديات، كما هي محددة في القوانين المرعية الإجراء، ومن المعلوم أن الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخلوية لا تدخل من ضمنها، وبالتالي تكون الضريبة متوجبة لصالح البلديات، ما يعني أنها لا يمكن أن تدخل في تمويل الصندوق البلدي المستقل.
د ــــ إن مشروع المرسوم هو ذو طبيعة تنظيمية، ما يوجب استشارة مجلس شورى الدولة بشأنه عملاً بأحكام المادة 57 والمادة 68 من نظام مجلس شورى الدولة.
هـ ــــ إن عنوان مشروع المرسوم يشير إلى «رسوم واردات الهاتف الخلوي» في حين أن العبارة الصحيحة هي «الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخلوية»، فالأموال تمثل ضريبة وليست رسماً.
9 ـــ اقتصر مشروع المرسوم على بيان الآلية المعتمدة لتوزيع الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخلوية عن الفترة الممتدة من 1/1/2010 ولغاية 31/5/2014، ولم يشر الى الفترة السابقة منذ 1994 لغاية 2010، ولا إلى الفترة اللاحقة، وهذا يشكل انتقاصاً من حقوق البلديات.
10 ـــ ليس هناك من مستند قانوني أو أساس أو معيار اعتمد لتوزيع الاعتمادات المخصصة للإنارة والأشغال والتنظيفات في القرى التي ليس فيها بلديات.
(الأخبار)
2000 مليار ليرة
شددت مذكرة الوزير جبران باسيل على اعتماد آلية قانونية موحدة وواضحة لتوزيع الرسوم البلدية والضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الاتصالات الخلوية على البلديات وفق القاعدة التي أقرها مجلس الوزراء في قراره رقم 52 تاريخ 9/1/2013، أي توزيع 80% على أساس عدد السكان المسجلين، و20% على أساس عدد السكان الفعليين، بحيث تحدد هذه الآلية توزيع كل المبالغ المستحقة بذمة وزارة الاتصالات منذ عام 1994 ولغاية تاريخه، والتي تتجاوز 2000 مليار لير لبنانية، وكل المبالغ التي ستستحق مستقبلاً، والتي يفترض أن تتجاوز الـ 200 مليار سنوياً، وذلك مباشرة الى البلديات، على أن تعتمد الآليات اللازمة لتحصيل الديون المتوجبة بذمة أي بلدية لصالح الدولة أو لصالح الصندوق البلدي المستقل، ومع التأكيد على ضرورة السير سريعاً بإقرار المرسوم اللازم في مجلس الوزراء لكي تتم عملية التوزيع بحسب الأصول القانونية، وضمان تسديد الأموال المستحقة على بعض منها، في هذه الفترة التي تواجه البلديات فيها تحديات كبرى، وخاصة تلك الناتجة من الأزمة السورية وتدفق اللاجئين السوريين إلى مختلف المناطق اللبنانية.