بلديات البقاع تنجز مهمّات مؤسسة المياه عُرفاً
صحيفة الأخبار ـ
رامح حمية:
«هل تحوّلت البلديات إلى إدارات بديلة عن مؤسسة مياه البقاع وموظفيها؟»، سؤال يُجمع رؤساء بلديات المنطقة على طرحه بكثير من الاستياء، بعدما ارتفعت قيمة فواتير إصلاح أعطال شبكات المياه، وأعلنوا عجزهم عن إصلاح بعضها. فعلى مدى السنوات الماضية، «تقاعست» مؤسسة مياه البقاع عن القيام بواجباتها البديهية، لجهة إصلاح الأعطال التي تطرأ على شبكات التغذية بالمياه، سواء القديمة منها أو الجديدة، الأمر الذي اضطر البلديات مرغمةً إلى إصلاحها على نفقتها الخاصة، بغية توفير المياه للأهالي، والتخلص من التسرّب الذي يمعن تخريباً في طرقات المنطقة الفرعية منها والرئيسية.
في قرى غرب بعلبك، التي يفترض أن لا تعاني مشاكل تسرّب من الشبكة لأنها جديدة ووضعت قيد التنفيذ منذ أكثر من سنتين، سجّلت البلديات مئات الأعطال، بدءاً من قساطل الجرّ الرئيسية وصولاً إلى الوصلات الفرعية، وتلك المنزلية. ويعود ذلك بحسب مصدر مسؤول متابع في مؤسسة مياه البقاع إلى «التنفيذ السيّئ لمشروع الشبكة الجديدة، التي تعاني مشاكل كبيرة، ولم يجر الإشراف عليها أو حتى مراقبتها، ورغم ذلك جرى تمريرها وتسلّمها». وكانت «الأخبار» قد تناولت في (عددها الرقم 317 الصادر بتاريخ 30 آب 2007)، الفضائح التنفيذية للشبكة الجديدة، التي تمثلت في تسلّم المشروع من دون أدنى مقوّمات الرقابة والإشراف، وفي استخدام قطع لا تتطابق والمعايير المطلوبة (تركية مستعملة). رئيس بلدية شمسطار سهيل الحاج حسن أوضح في حديث لـ«الأخبار» أن التنفيذ السيّئ لشبكة مياه اليمونة يظهر على نحو جلي مع كلّ «تصليحة»، حيث يؤكد الفنيون الذين تستعين بهم البلدية أن العمل جرى بعيداً عن «المسؤولية والضمير»، مشيراً إلى أن موازنة البلدية «تُستنزف بمبالغ مالية كبيرة جداً وصلت إلى 65 مليون ليرة»، والسبب بحسب الحاج حسن أن مؤسسة المياه في البقاع «بحكم الميتة»، مستنداً في حكمه إلى «الوعود بالاهتمام التي يطلقها المدير العام للمؤسسة مارون مسلم، والتي لا تنفَّذ».
وإذا كان ممكناً إصلاح بعض الأعطال، فإن بعضها الآخر يبدو مستعصياً، ويتطلب تدخّل ورش المؤسسة أو شركات فنية متخصصة، ومنها العطل في قسطل الضخّ الرئيسي لتغذية بلدة مصنع الزهرة (التابعة لبلدية شمسطار) بمياه اليمونة، «المتروك منذ سنتين من دون إصلاح، لأن كلفة إصلاحه تصل إلى 5 ملايين ليرة» بحسب الحاج حسن، الذي شدّد على أن المناشدات «الشفهية والخطية» للمدير العام للمؤسسة، «لم تُفض حتى اليوم إلى إصلاح العطل، الأمر الذي دفعنا إلى التعاقد منذ أيام مع شركة «السنابل» بغية معالجة هاتين المشكلتين».
التسرّب في شبكة مياه اليمونة لم يقتصر على شمسطار وقراها فقط، بل امتد ليشمل طرقات بلدة طاريا أيضاً، حيث بلغت قيمة الإصلاحات التي أنجزتها البلدية خلال شهر ستة ملايين ليرة، بحسب رئيس بلدية طاريا مهدي حمية، الذي أشار إلى أن البلدية التزمت إصلاح الأعطال الحاصلة في شبكة المياه، «بعدما فقدنا الأمل من المؤسسة»، وبغية «توفير المياه للأهالي ومنعاً للتخريب الذي تحدثه التسرّبات تحت طبقة الزفت».
الوضع في بعلبك لا يختلف كلياً عن قرى غرب بعلبك وبلدياته، فقد أكد رئيس اتحاد بلديات بعلبك بسام رعد، أن مؤسسة مياه البقاع «غائبة منذ عشر سنوات عن إصلاح الأعطال الحاصلة في المنطقة بأكملها، باستثناء الإصلاحات الكبيرة التي لا يمكن أيّ رئيس بلدية إدخالها في موازنته»، ورأى رعد أن التقصير الحاصل من الممكن أن يكون نتيجة غياب «التمويل من الوزارة»، لكنه في كلّ الأحوال «سمح بنشوء ما هو أشبه بعُرف يتمثّل في أن البلديات تصلح الأعطال في شبكات المياه، وهو «أمر خاطئ»، لأن المؤسسة ملزمة بالحفر والإصلاح، وحتى بتعبيد الحفرة مكان العطل».
أما في بلدة إيعات، فقد بلغت أكلاف الإصلاحات الحاصلة على شبكة المياه فيها حتى اليوم 35 مليون ليرة، بحسب تأكيد علي عبد الساتر رئيس البلدية، وتوافر العلم لدى المدير العام للمؤسسة.
سلفة مالية
يحمّل المدير العام لمؤسسة مياه البقاع مارون مسلم البلديات مسؤولية عدم تغطية المؤسسة لنفقات الإصلاحات في المنطقة، «التي تخلّف رؤساؤها عن مراسلة المؤسسة وإبلاغها بالأعطال خطياً»، مشدّداً على أن أحداً منهم «لم يتواصل معه من أجل أية إصلاحات». ويلفت إلى أن مؤسسة مياه البقاع «مؤسسة استثمارية»، وأن نسبة جباية فواتير المياه في المنطقة «صفر بالمية»، في محاولة منه لتبرير عدم تغطية المؤسسة نفقات الإصلاح. أما المصدر المسؤول في مؤسسة مياه البقاع، فقد اعترف بأن «أسباباً عدة كانت تقف حائلاً دون تغطية المؤسسة نفقات الإصلاحات، منها غياب الكادر البشري والإيرادات المالية»، لكنه لفت إلى أن هذين العائقين «زالا منذ نحو شهر، إذ توافرت الأموال بموجب سلفة مالية من الوزارة، وأيضاً الموافقة على مناقصة موظفين ـــــ فنيين».