الأوتوستراد العربي ينمّي عمق عكار
صحيفة السفير ـ
نجلة حمود:
ينتظر أن تتحول الوعود التي أغدقتها الحكومات المتعاقبة والتي تتعلق بالمشاريع الحيوية الكبرى في المحافظة، إلى واقع يترجم على الأرض، وذلك بعدما كلَّ العكاريون من كثرة الوعود التي بقيت لسنوات أسيرة الأدراج في الوزارات المعنية من دون أن تبصر النور، أو تجد طريقها إلى التنفيذ جراء كثرة المتعهدين والفساد والرشى، وخير دليل على ذلك الواقع هو مشروع الأوتوستراد العربي الذي صدر قانون بشأنه في العام 1993، وعدل لأكثر من مرة من دون أن ينفذ.
وقد شكل قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 30 آذار الماضي، لجهة إقرار العمل للشروع بتنفيذ الأوتوستراد العربي، بارقة أمل بالنسبة للعكاريين الذين دفعوا أثماناً باهظة جراء غياب الدولة عنهم لجهة حرمانهم من مقومات الحياة الرئيسة، حيث تفتقر غالبية البلدات إلى مشاريع بنى تحتية كاملة وتعد طرقاتها الرئيسة المصنفة دولية خير دليل على واقع المنطقة المزري. ومن المؤكد، أن إحياء المشروع سيكون كفيلا بضخ الدم وتنشيط الحركة الاقتصادية والاستثمارية في مختلف أرجاء المحافظة، وليس فقط المنطقة الساحلية حيث سيخترق الأوتوستراد محافظة عكار بطول 32 ألف متر، بدءا من مدخلها عند بلدة المحمرة حتى بلدة العبودية الحدودية، وتكمن أهميته بأنه ليس أوتوستراداً بحرياً، ما يجعله قادرا على تنمية العمق العكاري من خلال إيجاد محولات ومداخل لكل الأقضية في المحافظة.
وقد نص القرار الحكومي على تمديد العمل بأحكام القانون رقم 246 الصادر بتاريخ 12/7/1993، والمتعلق بتخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض المشاريع وأعمال الاستملاك والتجهيز، والمعدل بموجب المادة 57 من القانون رقم 107 في العام 1999 وبموجب المادة 33 من القانون رقم 392 الصادر في العام الحالي، لمدة عشر سنوات إضافية كما يضاف اعتماد بقيمة مئة مليون دولار أميركي في الفقرة الثامنة من المادة 57 من القانون رقم 246/93، أي فقرة أتوستراد الشمال مع الاستملاكات، وذلك اعتبارا من تاريخ انتهاء مدة التمديد السابقة. ويرى العكاريون أن «مشروع الأوتوستراد العربي» سيحدث نقلة نوعية في واقع المنطقة لجهة ربط محافظة عكار ببعضها البعض، حيث يبدأ الأتوستراد من بلدة المحمرة مرورا ببلدة ببنين، حيث تتفرع منه عدة طرق في بلدة وادي الجاموس.
كما سيخترق بلدة دير دلوم، ذوق الحبالصة، سهل عرقا ومنيارة حتى السمونية ومنها الى مركز المحافظة في حلبا، ويعود باتجاه سهل عكار مرورا في أراضي دارين وسعدين والشيخ عياش، ما من شأنه أن يخفف الضغط عن مدخل عكار عند منطقة العبدة، التي تشهد زحمة سير خانقة طيلة أيام الأسبوع، ويؤمن التواصل مباشرة مع البلدات الساحلية، وتحديدا ببنين والقرى المحيطة. كما سيشكل حلا بالنسبة لزحمة السير في مدينة حلبا. الأمر الذي سينعكس إيجابا على عملية التنمية المتوقفة منذ عقود في عكار وسيكون له أثر مباشر على جلب وتشجيع الاستثمار في المنطقة، خصوصا إذا تزامن مع افتتاح مطار القليعات وإقرار المراسيم التطبيقية لإعلان عكار محافظة.
ويؤكد المتابعون للشأن العقاري في عكار «أن مشروع الأوتوستراد العربي يعد إنجازاً لحكومة «قولنا والعمل» في حال أطلق العمل به فعليا، حيث من المفترض أن تكون اللجان قد شكلت لحل موضوع الاستملاكات، والتي خصص لها مبلغ 50 مليون دولار. كما يجب طرح المشروع وفقا لمناقصات قاسية لأن مشروعاً بهذه الضخامة يجب أن ينفذ من قبل شركات كبرى، تكون كفيلة بإنجازه في الوقت المحدد، وليس تضييعه في زواريب السماسرة». ويلفت رئيس «اتحاد بلديات ساحل القيطع» أحمد المير إلى أن «الاتحاد يتابع مع «مجلس الانماء والاعمار» موضوع إنشاء الأوتوستراد العربي. وقد اطلعنا من مدير المجلس المهندس سمير الجسر على خطة العمل»، مؤكداً أن «اللجان قد تشكلت لدراسة ملف الاستملاكات، كما يتم العمل على تعديل الدراسات بحسب جغرافية الأرض في بعض المناطق التي يمر بها الأوتوستراد لكي يتم إطلاق العمل به بأسرع ما يمكن جراء صدور قرار حكومي بهذا الشأن». ويؤكد المير «أن المشروع سيغير وجهة عكار على جميع الصعد التجارية، والعمرانية، والسياحية. وسيحدث هجرة معاكسة من المدينة إلى الريف، جراء مروره في غالبية البلدات العكارية واتصاله مباشرة مع الحدود اللبنانية ـ السورية».