شمسطار رائدة في الأرشفة الإلكترونيّة
صحيفة الأخبار ـ
رامح حمية:
حتى اليوم، وعلى الرغم من التطوّر والتقدم التكنولوجي، لا تزال الوزارات والإدارات الحكومية، على اختلافها، تفتقر إلى أنظمة المكننة وأرشفة الوثائق والمستندات والمعاملات الخاصة بالمواطنين. إدارات على احتكاك يومي مع المواطن، بدءاً من قصور العدل ودوائر الأحوال الشخصية، مروراً بالمراكز الأمنية والمستشفيات، وصولاً إلى الدوائر العقارية والمالية والبلديات وغيرها، غالبيتها ترمي معاملات المواطنين في مستودعات وغرف، لتنال منها عوامل الرطوبة والاهتراء تارة، أو لتكون عرضة للقضم من قبل الجرذان والفئران تارة أخرى. بلدية شمسطار، وبمبادرة فردية منها، اتخذت القرار بالتخلص من مشكلة الأرشيف، وهدر الوقت لدى التفتيش عن أية وثيقة أو مستند، من خلال العمل على إنجاز مشروع الأرشفة الورقية والإلكترونية. هي «خطوة ريادية» في أرشفة سائر أنواع المستندات والمعاملات على مستوى البلديات في لبنان، كما يؤكد رئيس البلدية سهيل الحاج حسن، الذي أشار في حديث إلى «الأخبار» إلى أن المشروع عبارة عن «مبادرة فردية أقدمت عليها البلدية بغية حفظ حقوق الناس وممتلكاتهم، الذين قد يضطرون إلى الحصول على نسخة عن وثيقة أو مستند، فضلاً عن حفظ تاريخ البلدية التي بلغ عمرها تسعة عقود، وذلك بحفظ سائر المستندات المالية والدعاوى القضائية والمعاملات العقارية والإدارية، وأرشفتها، بطريقة تمنع اهتراءها وتآكلها، وحتى تنظيمها ضمن عملية توثيق إلكترونية. ورأى الحاج حسن أن من أهداف مشروع الأرشفة «مساعدة البلدية على أن تكون أكثر شفافية في عملها أمام الأهالي والجهات الرقابية على اختلافها». خطوة الأرشفة الورقية والإلكترونية جاءت نتيجة انفتاح البلدية على آراء أصحاب الاختصاص من خارج المجلس البلدي في شمسطار. وبحسب الحاج حسن، فالمجلس البلدي «ينبغي أن يتقبّل الأفكار البناءة من الجميع، وخصوصاً تلك التي تساعد في تسهيل العمل وتطويره». استغرق مشروع أرشفة وثائق بلدية شمسطار ومستنداتها مدة خمسة أشهر، ولم تتخطّ كلفته المالية أحد عشر مليون ليرة، من ضمنها برنامج الشركة المنفذة، وقد أوضح الحاج حسن أن «ما ساعد في تحقيق وفر مالي في المشروع بنسبة 50% هو تطوّع سائر الكادر البشري في البلدية للعمل وتقديم المساعدة في عملية الأرشفة، إلى جانب المهندسين المختصين في المعلوماتية». شركة (INTEGRATED TECHNOLOGY SYSTEMS ــ ITS) التي تولّت تنفيذ المشروع في بلدية شمسطار، اعتمدت نظام الأرشفة الإلكترونية الذي يعدّ الحلّ الأمثل لتنظيم وإدارة الوثائق والمستندات بطريقة سريعة وفعالة، مع دعم كامل لطباعة الوثيقة وملصقات «الباركود»، بحسب ما يؤكد محمد السبلاني المدير التنفيذي في شركة (ITS). الأخير أوضح في حديث إلى «الأخبار» أن نظام الأرشفة الذي اعتمد في شمسطار ينطوي على عملية إعادة تنظيم المحفوظات بطريقة تنظيفها وإعادة تكوينها حسب التسلسل الرقمي والتاريخي لها، بالإضافة إلى ترميم بعض المستندات المهترئة والممزقة، وإعادة فرزها بحسب موضوعها، مضيفاً إن المرحلة التي تلي ذلك تعتمد على الأرشفة الإلكترونية عبر أخذ نسخ عن المستندات والمعاملات على الماسح الضوئي بغية تحويلها إلى صور وتخزينها وفق نظام فهرسي مع تعريفات وأرقام تسهّل على الموظف الوصول إلى الوثيقة والمعلومة بالسرعة اللازمة. وقد خصصت بلدية شمسطار غرفاً خاصة للأرشيف الورقي، حيث استعملت كراتين ورقية للحفظ خالية من الحوامض، وهي مخصصة لحفظ المستندات والوثائق، بالإضافة إلى تجهيز الغرف بأنظمة سحب للرطوبة مع إطفاء تلقائي عند أي حريق، وأدوية خاصة بالتعقيم ومنع تآكل الأوراق والمعاملات. الجدير ذكره أن خطوة الأرشفة الورقية والإلكترونية التي أقدمت عليها البلدية لاقت استحساناً من قبل بلديتي بعلبك والهرمل، ومن عدد من البلديات الأخرى في البقاع، وقد تم الاتفاق مع الشركة المنفذة (ITS) على تنفيذ المشروع خلال فترة زمنية قريبة.
الأرشيف الأقدم
في عام 1922 أنشئت بلدية شمسطار، لذلك فهي تعدّ من أقدم بلديات لبنان، وهي البلدية الثانية في دولة لبنان الكبير، وكانت تضمّ ما يقارب 18 بلدة في غربي بعلبك، إلى أن بدأ بعضها ينفصل إدارياً وعقارياً، كما حصل مع كل من بلدية حدث بعلبك وطاريا، وأخيراً قلد السبع ورماسا في مزارع بيت مشيك، ليبقى ضمن نطاقها الحالي ما يقارب 14 قرية.
وإزاء عمر بلدية شمسطار الذي فاق التسعين عاماً، فقد اختزن أرشيفها عدداً كبيراً من المستندات والمعاملات الإدارية وبنحو يقارب 150 ألف معاملة ومستند، بحسب ما أكد المهندس محمد السبلاني، الذي أوضح أن أعمال الأرشفة بيّنت وجود مستندات من عام 1936، فيما معظم الأرشيف يبدأ فعلياً من عام 1948، مضيفاً إن الأرشيف الأكبر يعود إلى الفترة التي تولى فيها الرئيس حسين الحسيني رئاسة البلدية ولايات عدة.